الوفاءُ هو احتفاءُ الأوطانِ العريقةِ بعُظمائِها وملوكِها وبُناةُ مجدِها ، تُؤرِّخُ لهم وتذكرهم بما يستحقونَ من الفضلِ وردّ الجميل ، المحنُ كانت سببَ عظمة الملك الراحل الحسين بن طلال رحمة الله عليه ، حظيَ بإعجابِ العالمِ ، نالَ تقديرَ الشعوبِ ، نموذجاً للقائد الشجاعِ ، مطراً هادئاً خالياً من الشوائبِ ، ملك المهامّ الصعبةِ ، قائدُ الأوقاتِ العصيبةِ ، سنداً في وقت الشدائدِ .
استخلف بعده قائداً وزعيماً وطنياً هاشمياً ، حقق إنجازاً تاريخياً عندما أنقذ بلاده من الدمارِ خلالَ الخريفِ العربيِّ ، يرى ما لا يراهُ الآخرينَ ، يسبقُ الرَّكبَ ولا يتبعُ الرَّكب ، يتقاسم معاناةَ شعبهِ ، بايعناهُ وعاهدناهُ على السمعِ والطاعة ، وتنفيذ ما يأمر به وتركِ ما ينهى عنه ، في المنشط والمكره ، في اليسر والعسر ، وأن لا نُنازعَ الأمرَ أهلهُ ، بدأت البيعة بالنُخَب الوطنيَّةِ من الأعيانِ والنوّابِ والعلماءِ والمفكرينَ وقادةِ الرأيِ ورجالاتِ الأمةِ ، وهذا يُلزم المواطنينَ وعامةَ الشعبِ بالحجّة والدليلِ على السمعِ والطَّاعةِ ، والمشاركة في المنظومةِ السياسيةِ لتعزيزِ الشرعيةِ الدينيةِ والتاريخيةِ والسياسيةِ للهاشميين .
البيعةُ لها معاييرٌ دقيقةٌ ترسمُ العلاقةَ بين الحاكمِ والمحكومِ ، بين الملكِ والمواطنِ ، بين الكبيرِ والصغيرِ ، تُعَرِّجُ على حقوقِ المواطنةِ وواجباتها ، تدفعُ الضررَ ، تُقيمُ العدلَ ، تُعزِّزُ الأمنَ والاستقرار ، تحمي المكتسبات ، تقضي على الفتنِ والقلاقلِ ، فأصبحَ الأردنَّ ملجأً لكلِّ ملهوفٍ ومأوىً لكلِّ خائفٍ ، فحقَّقَ الأردنَّ ازدهاراً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً في جغرافيا شحّت فيها الموارد .
إنَّ ما يقومُ به خوارجُ العصرِ والجماعاتِ المتطرفة والأحزاب المتشددة من مبايعةِ خليفةٍ أو تعيينِ أميرٍ ، ما هي إلا خروجٌ على الطاعة ومفارقةً للجماعةِ ، فمن ماتَ منهم مات ميتة جاهِليَّةً ، لا نعلمُ أعظم غدراً من رجلٍ يُبايِع ثم يُضمرُ القتال والغدرِ ونك العهدِ ، تلك جماعاتٌ تقودهم الكراهية والعصبيّة ، يستحقون الزَّجر والمقت ، رحمَ الله بناةَ هذا الوطن وحمى الله قائده ووليّ عهده الأمين .