اجتمع كبار السياسيين والضباط العسكريين والدبلوماسيين من جميع أنحاء العالم في مدينة ميونيخ الألمانية، أمس، في مؤتمر ميونيخ للأمن لاستعراض المشهد الأمني الأوروبي، الذي تغيرت معالمه بسبب حرب أوكرانيا، حيث هيمنت هذه القضية على المؤتمر وسط غياب روسي، فيما دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الحلفاء إلى تسريع جهود دعم أوكرانيا، مشدداً على أن «لا بديل عن انتصار أوكرانيا».
إلى جانب حرب أوكرانيا، تتناول فعاليات المؤتمر الممتدة حتى 19 فبراير الجاري، ملفات عاجلة تضرب العالم بآثارها السلبية، مثل تغير المناخ وأزمة الطاقة، كما سيتناول العلاقات الأمريكية الصينية، في ظلّ ازدياد التوتر بعدما أسقطت واشنطن ما قالت إنه منطاد تجسس صيني كان يحلّق فوق الأراضي الأمريكية.
وحضر الاجتماع المستشار الألماني أولاف شولتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما حضر أيضاً كل من نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ونظيره الصيني وانغ يي، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ. ولم يُدعَ أي ممثل عن روسيا، بمن فيهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي كان يشارك بانتظام في المؤتمر في الماضي.
ودعا شولتس الحلفاء للمشاركة في تسليم الدبابات لأوكرانيا، وقال إن أي دولة حليفة بمقدورها إرسال دبابات قتالية لأوكرانيا عليها أن تفعل ذلك الآن، مضيفا أن ألمانيا ستسهل اتخاذ هذا القرار من خلال توفير المواد اللوجستية وتعويض مخزونات وتدريب جنود أوكرانيين. وتابع شولتس «بالنسبة لي، هذا مثال على نوع القيادة الذي يتوقعه الناس من ألمانيا».
من جهته، قال زيلينسكي في مداخلة عبر الفيديو أمام المؤتمر «نحتاج إلى السرعة. سرعة في إبرام اتفاقاتنا، سرعة في الإمدادات لتعزيز معركتنا، سرعة في القرارات للحد من القدرة الروسية. لا بديل عن السرعة لأن عليها تعتمد الحياة».
وأضاف «لا بديل عن انتصار أوكرانيا. لا بديل عن أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي. لا بديل عن أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي».
ورأى زيلينسكي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يحاول كسب الوقت والمراهنة على تعب الأطراف».
وقال «من الواضح أن أوكرانيا لن تكون محطته الأخيرة. سيواصل (هجومه) في اتجاه دول أخرى».
من جهته دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأوروبيين إلى معاودة الاستثمار في شكل كبير في مجال الدفاع.
وأكد ماكرون «نحن جاهزون لنزاع طويل الأمد في أوكرانيا»، مشدداً على أن «الوقت اليوم ليس للحوار مع روسيا».
وانتقل الرئيس الفرنسي، إلى عرض ما يشبه «الخطة» لتحقيق مبدأي الردع والدفاع القوي على المستوى الأوروبي، دون إغفال مستوى «الناتو».
خطة ماكرون
وفي هذه الخطة، حدد ماكرون 4 خطوات رئيسية، أولاها تحرك الأوروبيين من أجل تكثيف الاستثمار في شؤون الدفاع، والتكنولوجيا الدفاعية.ثاني الخطوات، تمثل في دعوة الدول الأوروبية، إلى تحديد الدور الذي تلعبه القوة النووية في نظام الردع الأوروبي.
ثالث الخطوات، هو العمل على عقيدة الأمن في أوروبا. وتابع «يجب أن نوفر الأمن لأنفسنا كأوروبيين، جنباً إلى جنب مع التعاون مع شركاء في الناتو».
وفي رابع خطوة، دعا ماكرون إلى تأسيس إطار لمنع الصراعات في القارة الأوروبية، ملمحاً إلى إمكانية الاعتماد على مجلس الأمن في هذا الإطار.
وأخيراً، عبر ماكرون عن أمنيته، عقد مؤتمر عن الدفاع الجوي في أوروبا، داعياً كل الدول الراغبة في الحديث عن تأسيس دفاع جوي أوروبي للمشاركة فيه.
وقبل انطلاق المؤتمر، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرج، أن الحرب في أوكرانيا تؤثر على أمن العالم لا القارة فقط.
كما قال إن روسيا تعاني من خسائر كبيرة على الأرض، فيما أكد: «سنواصل تقديم أنظمة دفاع جوي متقدمة لأوكرانيا».
من جهته كرر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، مطلبه بشأن زيادة الإنفاق الدفاعي بالمليارات.
وقال بيستوريوس إنه سيبذل قصارى جهده لتجاوز هدف إنفاق 2 % من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع. وأضاف «بالطبع لا يزال يتعين الاتفاق على هذا في إطار حلف الناتو.