عقد في المكتبة الوطنية مساء أمس الثلاثاء ندوة نقدية بعنوان " جهود الباحثين الأردنيين في أدب الرحلات " بتنظيم من جمعية النقاد الأردنيين شارك فيها الدكتور عامر أبو محارب والدكتورة رشا الخطيب وأدار الندوة الدكتورة نوال الشوابكة
قال أبو محارب ان الرحلات رصدت تنوّع المعالم الحضاريّة في مختلف الجوانب الحياتيّة في البلدان،التي قصدها الرّحالة وعكست صورة واضحة عن أحوال الشعوب،مأكلهم ومشربهم ولباسهم وخصائصهم النفسيّة والبدنيّة،والعادات والتقاليد وصادراتهم ووارداتهم وفنونهم المعماريّة.ولعلّ ما نقله الرّحالة من أخبار ومشاهدات وأوصاف،مهّد لنشوء علوم تبحث في الدراسات الاجتماعيّة.
وقد أظهرت الرحلات - كما أشار في كتابه أدب الرحلات الأندلسيّة والمغربيّة حتى نهاية القرن التاسع الهجريّ- توق الروح الأندلسيّة إلى الشرق الإسلاميّ وشوقهم لأداء فريضة الحج في مهد الإسلام مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولقاء العلماء في حواضر العالم الإسلاميّ كلّه والاقتباس من علمهم ومعارفهم،فكان ذلك من أهم دوافع الرّحلات الأندلسيّة والمغربيّة.وقد مثّلت الرّحلات وسيلة من وسائل التواصل الثقافيّ والفكريّ،والتبادل العلميّ المعرفيّ بين الشعوب،كما أدّى الرّحالة ،أيضا، دور السفراء لبلدانهم في البلدان التي زاروها،وعكست مشاهداتهم مجالات اهتمام الأندلسين وقراءاتهم الحضاريّة لما كانت تقع عليه عيونهم من خلال تلك الرّحلات التي كانت مجالًا رحبًا ينطوي على علاقات إنسانيّة ضاربة في جذور التاريخ السحيق،ومثّلت بعض الرّحلات سردًا ذا طابع أدبيّ مثل، رحلات السفارات،أو اليوميات أو المذكرات أو السير الذاتيّة .
وتعود أقدم الإشارات في المصادر العربية عن أفوقاي إلى القرن18، ثم غابت أخباره حتى القرن20 حيث ذكره بعض المؤرخين المغاربة ومنهم محمد الفاسي، وهو أول من أشار سنة 1952- إلى مخطوط مختصر رحلته في المكتبة الوطنية بباريس. ثم ظهر الخبر عن نسخة أخرى لمختصر الرحلة في دار الكتب المصرية سنة 1964 وطبعت. ثم وبعد عقود طويلة ظهر في 2015 تحقيق جديد لمختصر الرحلة عن النسخة المصرية (نسخة الأزهر)، وتكمن أهميتها في أنها الصورة الأولية للرحلة التي دوّنها المؤلف 1637 وهو في مصر.
قالت د. الخطيب لقد كانت القراءة في سِيَر المستشرقين وأخبارهم في سبيل تعلم اللغة العربية والحصول على المخطوطات العربية في القرن17م، هي من ألقت بأفوقاي في طريقي، وكان عملي على بناء سيرته، هو جزء من اهتمامي الأوسع بفكرة (إسهامات عربية في مسيرة الاستشراق)، خاصة بعد اطلاعي على عدد من مراسلات المستشرقين الباقية مع بعض الشرقيين، كان من بينها رسائل لأحمد بن قاسم الحجري أفوقاي.
وبينت انه قادها الفضول لقراءة رحلته، التي تعبّر بلغة وبعقلية مختلفة تجمع بين ثقافتين- عن مسألة اللقاء بين الشرق والغرب مطلع ق17، ولما يكن قد مضى على سقوط غرناطة سوى 120 عاما تقريبا. وما جذبها إليه أيضا: إهمال أخباره في المصادر العربية المعاصرة له والحديثة.. ووهكذا بدأت بجمع أخبار أفوقاي المتناثرة، وحاولت من كل ذلك التماس معالم سيرته سيرة حياته الشخصية والعلمية ما أمكن.
وقدمت تعريف موجز لسيرة أحمد بن قاسم وبينت منزلته في تاريخ الإستشراق...