عرضت بكين في موسكو الأربعاء، رؤيتها "لتسوية سياسية" للنزاع في أوكرانيا، في حين ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في افتتاح أعمال الجمعية العامة للمنظمة الدولية بالهجوم الروسي لأوكرانيا، واصفاً إياه بأنّه "إهانة للضمير الجماعي".
وتأمل كييف وحلفاؤها في حشد أكبر دعم ممكن لمشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى "سلام عادل ودائم" بعد عام من بدء الهجوم الروسي.
وقال غوتيريش "تشكل الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب على أوكرانيا محطة قاتمة للشعب الأوكراني وللمجتمع الدولي. هذا الهجوم هو إهانة لضميرنا الجماعي"، مجددا التحذير من تفاقم النزاع.
من جهته، اتّهم السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا الأربعاء، الغرب بأنه مستعد للتضحية بأوكرانيا وبالعالم النامي من أجل إلحاق الهزيمة ببلاده.
وقال السفير في اجتماع خاص للجمعية العامة للأمم المتحدة إن دول الغرب "ترغب بإلحاق الهزيمة بروسيا بشتى الطرق الممكنة"، وأشار إلى استعداد هذه الدول في هذا الإطار "ليس فقط للتضحية بأوكرانيا بل لإغراق العالم بأسره" في الحرب.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن الثلاثاء، تعليق مشاركة موسكو في آخر معاهدة لمراقبة الأسلحة بين روسيا والولايات المتّحدة، أكبر دولتين نوويتين في العالم، وهدّد بإجراء تجارب نووية جديدة إذا قامت واشنطن بذلك أولا.
ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن تعليق روسيا معاهدة "نيو ستارت" للحدّ من السلاح النووي بـ"الخطأ الفادح".
وكان بايدن يتحدث قبيل لقائه تسعة من قادة أوروبا الشرقية والوسطى (بلغاريا وتشيكيا واستونيا والمجر ولاتفيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا) في وارسو بحضور ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو).
من جانبه، اعتبر ستولتنبرغ أنّه من الضروري "الحفاظ على الدعم لأوكرانيا وتكثيفه" وتزويدها "بما تحتاجه للانتصار".
وفي بيان مشترك، شدّدت الدول التسع الأعضاء في حلف شمال الأطلسي على أنّها ستواصل تعزيز "موقفها الرادع والدفاعي على طول الجناح الشرقي بأكمله، من بحر البلطيق إلى البحر الأسود".
وغادر بايدن بولندا بعد هذا الاجتماع.
"أراضينا التاريخية"
والأربعاء، اعتبر بوتين في خطاب مقتضب خلال مهرجان وطني كبير في ملعب لوجنيكي بموسكو أنّ بلاده تحارب حاليًا في أوكرانيا من أجل "أراضيها التاريخية".
وقال بوتين على منصّة أمام حشد ضمّ عشرات الآلاف من الروس، "اليوم، أخبرتني القيادة (العسكرية) أنّ هناك معارك جارية على أراضينا التاريخية من أجل شعبنا".
وأثناء ظهوره الذي دام بضع دقائق فقط، أشاد الرئيس الروسي بقواته التي تقاتل في أوكرانيا "ببطولة وشجاعة وبسالة: نحن فخورون بهم".
وصرّح لوكالة فرانس برس فلاديمير زيابليتسكي (59 عاماً) الذي أتى خصيصا من منطقة كيميروفو على بُعد 3000 كيلومتر من العاصمة لحضور الحدث "يحتاج الرئيس حقًا إلى دعمنا الآن. (...) يسير في الاتجاه الصحيح".
والثلاثاء ألقى بوتين خطابا شديد اللهجة تعهد فيه مواصلة الهجوم على أوكرانيا "بشكل منهجي"، مؤكدا أن الغرب يريد "إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، أي القضاء علينا نهائيا" ومحملا واشنطن وحلفاءها الأوروبيين "مسؤولية تأجيج النزاع الأوكراني و(سقوط) ضحاياه".
وردّ بايدن في اليوم ذاته في خطاب ألقاه في وارسو بأنّ "الغرب لا يتآمر لمهاجمة روسيا كما قال بوتين" و"جلّ ما يريده ملايين المواطنين الروس هو العيش بسلام مع جيرانهم".
وانغ يي في موسكو
وفي موسكو استقبل بوتين كبير مسؤولي الشؤون الخارجية الصيني وانغ يي الأربعاء في الكرملين بعد لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
ويأتي هذا اللقاء بعد أن أعربت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي عن قلقهما من أنّ الصين تستعد لتزويد روسيا بالأسلحة لمواصلة هجومها في أوكرانيا، في اتهام سارعت بكين إلى نفيه.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الروسية في ختام المحادثات الروسية-الصينية مساء الأربعاء، إنّ "الشركاء الصينيين أطلعونا على آرائهم حول الأسباب الجذرية للأزمة الأوكرانية، إضافة إلى مقارباتهم لتسويتها سياسيا".
لكن خلال تلك النقاشات "لم يدر حديث حول أي ‘خطة‘ (سلام) محددة"، كما أشارت الخارجية الروسية.
وكانت الصين وعدت بنشر اقتراحها بشأن "الحل السياسي" هذا الأسبوع بمناسبة الذكرى الأولى لبدء الهجوم الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022.
وقال مسؤول أوكراني رفيع المستوى الأربعاء، إن الحكومة الصينية لم تتشاور مع كييف أثناء إعداد خطتها المقترحة للسلام في أوكرانيا.
وقال المسؤول لعدد من وسائل الإعلام، من بينها وكالة فرانس برس، طالباً عدم نشر اسمه إنّ "الصين لم تستشرنا".
وحذّر المسؤول الأوكراني الكبير من أنّ أيّ خطة سلام يجب ألا تتجاوز "الخطوط الحمر" التي وضعتها كييف، بما في ذلك عدم التنازل عن أراض لروسيا التي تحتلّ مناطق في شرق البلاد وجنوبها، ولا سيّما شبه جزيرة القرم.
وخلال زيارته إلى موسكو، أعرب كبير الدبلوماسيين الصينيين عن رغبة بلاده في "تعزيز الشراكة الاستراتيجية ... والتعاون الشامل" مع روسيا.