الفراق حالة صعبه قد تنتابنا في كل لحظه على عتبة القدر نتألم جداً كلما لاح ضوح بريق ذكراكم وذلك لأنه من الصعب أن تفارق روحاً كنت جزءاً وقطعة منه، دون أن تحزن ودون أن تتألم لذلك لا يوجد أصعب من فراق الأب يرحلوا ويتركوا في القلب ندبات لا يزول أثرها حتى وإن توالت الأيام ومرت السنون.. بدونهم يبكي القلب ويجف بُكاء العين فما أصعب ذلك حين تبحث عن مدامعك فلا تجدها! تبحث عنها كي تُطفئ بها جذوة الاشتياق ولهيبُ القلب المشتعل.. تبحث عنها لتخفف وطأة الألم وحدّته على نفسك ولكنها تأبى النزول فتظل تحترق ويحترق قلبك إلى أن يصبح رماداً.
رحلوا وتركوا ذكراهم تنزل بنا ومن كل جانب وكأنهم يبعثوا لنا برسائل "ألا تنسونا.. اذكرونا دوماً نستحق هذا منكم اذكرونا في صلاتكم في دعواتكم لا تذرونا فُرادى" أهم لا يعلمون أن كل نفسٍ نتنفسه يُذكّرُنا بهم أهم لا يعلمون أن خيالهم يحيط بنا أينما حلَلنا أهم حقاً لا يعلمون أننا نحن من نستأنس بهم أننا نحن من نعيش على ذكراهم.
الفراق حديثه الصمت وعندما يفيض بنا يكون لسانه الدموع لا ندرى أنبكى عليهم أم نبكى على أنفسنا القلب كان ملكاً لهم هم ولكن عند فراقهم يصبح القلب فارغاً باهتاً كأنما هو متعلق بهم وحدهم وكأن الأرواح كانت متصلة بحبل من الوداد فانقطع ذاك الحبل فجأة فتمزقت قطعة من روحك فتتقيد بألم كبير وحزن لا يفارقك أبداً حتى وإن تظاهرت بعكس ذلك.. تغيب شمس الأحبة عن سمانا فيصبح الكون كلّه ظلامٌ دامس، يصبح الكون كله من دون أيّ ألوان وملامح أو أصوات، لم يعد سوى صدى أصواتهم ترنّ في أذانِنا، لم نعد نرى سوى صور وجوههم، لم نعد نتذكّر سواها، لم نعد نتذكر سوى نظرات أعينهم عند وداعنا.
الفراق هو القاتل الصّامت، والقاهر الميت، والجرح الّذي لا يبرأ.. ورغم كل هذا كل ما ينبغي علينا هو الصبر رغم لحظات الضعف التي تلاحقنا من حينٍ إلى حين لتبقى عالقة على حواف قدرنا
"لم يكُونوا في حياتنا شيئاً عابراً لننساهم بهذهِ السلاسة وكأنهم لم يكونوا يوماً، لم يكُونوا حلماً عابراً، هؤلاء هم من دمعت أعيننا لأجلهم هؤلاء هم من رُسمت ضحكاتنا في وجودهم وهؤلاء هم من سجدنا ندعو الله ألا يفارقونا يوماً، بسماتهم كانت شفاءً للنفس كانت بهجة للروح عندما تفقد بهجتها كانت تعيدك للحياة من جديد وتجعلك في أعلى قمم السعادة هؤلاء هم من قضينا عمرنا بجانبهم فكيف لنا أن نتحمل رحيلهم؟!
وأكثر ما يُدمى القلب أننا كنَّا لا نستطيع البوح بذلك وتركناهم يرحلوا دون أن نخبرهم كم أن الحياة بدونهم غربة وكم أنهم كانوا سُكناً لأرواحنا التائهة.. فراقهم كالعين الجارية الّتي بعد ما أخضرّ محيطها نضبت.. الفراق حزن كلهيب الشّمس يبخّر الذّكريات من القلب ليسمو بها إلى عليائها، فتجيبه العيون بنثر مائها؛ لتطفئ لهيب الذّكريات ويا ليتها تنطفئ بلا رجعة ولكنها تُخمد وتبقى شرارة تشعل القلب وتعيده سيرته الأولى.
لكم الدعاء الخالص بأن تكون في رحمته من الله ومغفرة ورحمه.وروضة من رياض الرحمن.الرحيم.