ثمان سنوات بالكمال والتمام مضت على الحرب الأهلية الدائرة في بلدنا.
إذ تدخل الحرب المشؤومة عامها التاسع دون إن توجد مؤشرات يقينية عن قرب نهايتها، حرب طاحنة ساهمت في إيصال الملايين من السكان إلى حافة الجوع.
مع انطلاق عاصفة الحرب التي تقودها السعودية، في تحالف شُكل لاجتياح هذا البلد وإنهاكه في نزاعات لا تتوقف، كان البارود هو الخيار البارز المنتقى بعناية، من بين حلول أخرى قُدر لها إن تكون خارج الحسبان.
كانت لدي قناعاتي وتصوراتي إزاء هذه الحرب منذ البداية، لقد أظلمت الدنيا بنورها في عينيّ بمجرد سماعي لانطلاق هذه الحرب الظالمة، وبعيدا عن مختلف الحسابات الأخرى، التي ترى بعضها في معمعة الحرب بارقة أمل لمستقبل تطلعات كثير من الناس، كانت لي حساباتي الخاصة، علمت حينها بمدى فضاعة القادم، وأدركت يومها باستحالة إيقاف لهبها في غضون مدد قصيرة، رأيت الحالة السورية حاضرة في بلدنا، بكل تفاصيلها وبما صاحبها من دمار وخراب ونزوح لملايين البشر وتشرذم وتناحر وتسلط للقوى المتطرفة، وتدخل لقوى أجنبية تحت هذه اليافطة.
وهكذا مضينا إلى المجهول بأرجلنا، فبلغنا ما أُريد لنا بلوغه، مئات الآلاف من الضحايا، آلاف الجرحى والمعاقين، ملايين النازحين وأمثال العدد ذاته من الجياع، تشظي رهيب، تشكيلات هنا وهناك، صدامات لا تتوقف، مشاريع تتصادم مع بعضها، والقادم ما انفك يزف لنا المزيد من البشائر الدامية.