يعد قارئ القرآن والمنشد الديني المصري الشيخ طه الفشني أحد أعلام هذا المجال البارزين، خاصة في شهر رمضان.
كان الشيخ طه الفشني بشكل عام صاحب مدرسة متفردة في التلاوة والإنشاد، وكان على علم كبير بالمقامات الصوتية والأنغام، وفن الإنشاد في زمنه.
المستشار زين ابن الشيخ الراحل طه الفشني، كشف الكثير من أسرار حياة الشيخ، وكيف ختم القرآن الكريم، ليسير بعد ذلك في درب علم القراءات والتجويد.
وتحدث "زين" عن محطات مهمة في حياة الشيخ طه الفشني، وكيف اتخذ من تلاوات الشيخ علي محمود المعروف بملك التواشيح الدينية نبراساً له، بل أنه أصبح امتداداً له وصديقاً مقرباً منه.
وإلى نص الحوار:
- متى ختم الشيخ طه الفشني حفظ القرآن؟
حفظ الشيخ طه الفشني القرآن الكريم في طفولته بكتاب قريته، مثل أي طفل في هذا الوقت، وختم القرآن وهو في الـ 12 من عمره، وظهرت موهبة جمال صوته مع إتقانه لحفظ القرآن الكريم تجويدًا وترتيلًا في سن مبكرة، بالإضافة إلى قوة الصوت أيضًا وتوظيفه له في التلاوة.
- حدثنا عن فترة تعليمه وعلاقته بوالده؟
والد الشيخ طه الفشني كان تاجر أقمشة ميسور الحال، لذلك حرص على التحاقه بالتعليم في إحدى مدارس مدينة الفشن، وحصل على دبلوم المعلمين من مدرسة المنيا، وناظر مدرسته اكتشف عذوبة وجمال صوته في قراءة القرآن الكريم، فكان يكلفه دائما بقراءة القرآن في أثناء الطابور الصباحي بالمدرسة.
ثم اتجه الشيخ طه بعد ذلك إلى القاهرة في 1919، فقد كانت لديه رغبة في دراسة القضاء الشرعي، ولكن قيام ثورة 1919 والظروف التي مرت بها البلاد حالت دون ذلك، فقرر العودة إلى موطنه الأصلي بمدينة الفشن، وبدأ في قراءة القرآن الكريم في القرى والنجوع والمدن المجاورة له حتى ذاع صيته في مدن الصعيد.
- كيف التحق الشيخ طه الفشني بالأزهر الشريف؟ الشيخ طه نزل إلى القاهرة مرة ثانية والتحق بالأزهر الشريف، وحصل على شهادة القراءات العشر على يد الشيخ العالم الجليل عبدالعزيز السحار أحد علماء القراءات في الأزهر آنذاك، وكان في هذه الفترة يقيم في حي الحسين بالقاهرة، وكان يسكن إلى جوار الشيخ الراحل علي محمود ولازمه كثيراً وكان يعتبره خليفة له.
- هل عرض على الشيخ طه الفشني الاتجاه الغناء؟ نعم، بعد التحاق الشيخ طه بالأزهر وزادت شهرته بصوته العذب الملائكي، عرضت بعض الشركات الأجنبية التي كانت موجودة في مصر في ذلك التوقيت، والتي كانت مسؤولة عن الأسطوانات عليه الاتجاه إلى الطرب وحاولوا إقناعه كثيراً، وكتب له أحد المؤلفين أغنيتين، وبالفعل سجل أسطوانتين، ولكنه تراجع ولم يكمل من أجل القرآن.
- كيف التحق بالإذاعة المصرية؟ كان هناك احتفالية في حي الحسين يحضرها الشيخ طه الفشني، ويحضرها أيضا سعيد باشا لطفي رئيس الإذاعة المصرية في ذلك الوقت، وعرض عليه الحضور الشيخ طه، وقالوا له إن هذا شاب صغير جاء من الصعيد للدراسة في الأزهر وصوته عذب جدًا، وطلبوا منه السماح له بقراءة القرآن، فسمح له بالقراءة لمدة 10 دقائق فقط، وبعد أن انتهى من التلاوة، قال له سعيد باشا لطفي إن الإذاعة المصرية بحاجة له، وطلب منه الحضور في اليوم التالي للإذاعة، وبالفعل حضر واجتاز الاختبارات بنجاح كبير، وقيم على أنه قارئ من الدرجة الأولى الممتازة، وكان ثالث قارئ تتعاقد معه الإذاعة عام1937 بعد الشيخين محمد رفعت وعبدالفتاح الشعشاعي.
وبعد التحاقه بالإذاعة المصرية كان يذاع للشيخ الفشني أسبوعيا في المساء يومي السبت والثلاثاء فترتين على الهواء مباشرة، مدة كل تلاوة 45 دقيقة.
- كيف بدأت شهرة الشيخ طه الفشني العالمية؟ الشيخ طه الفشني كان من القراء القلائل الذين جمعوا بين فن تلاوة القرآن الكريم وفن التواشيح والابتهالات الدينية بل تفوق على أقرانه، وكان ذلك سبباً في شهرته عالمياً، فقد كان صاحب صوت ملائكي عذب ومقامات صوتية متنوعة يتنقل من بينها في سلاسة واقتدار، فضلا عن تمتعه بطول نفس وعلمه الكبير بالموسيقى العربية ومقاماتها.
- حدثنا عن محطات مهمة في حياة الشيخ طه الفشني في عام 1943 كُلف الشيخ طه الفشني عن طريق قصر الملك فاروق بأن يقرأ القرآن الكريم في شهر رمضان كل عام، بقصري عابدين بالقاهرة ورأس التين بالإسكندرية، وزادت شهرته بدرجة كبيرة، فقد كان محبوبا لدى الملك فاروق بعد أن أحيا حفل زفافه وألقى قصيدة من تلحين الموسيقار محمد عبدالوهاب دون استخدام الآلات الموسيقية.
واستمر في قراءة القرآن بالقصرين حتى قيام ثورة 1952، وكان الملك فاروق يستمع إلى تلاوته التي تمتد إلى 45 دقيقة، وكان المبتهل الشيخ الفشني، القارئ المفضل للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ومن بعده الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
ومن المحطات المهمة في حياة الشيخ طه أيضا، هو تسجيله القرآن الكريم في دول عربية وإسلامية مختلفة منها: السعودية وباكستان وتركيا وماليزيا وتونس والمغرب وليبيا والسودان وسوريا، وكرمه زعماء ورؤساء وملوك هذه الدول.