نجاح باهر أساسه رسالة صادقة، مُرِّرت عبر فيلم سينمائي لا يمكن تجاهله أو غض النظر عنه؛ لذلك تعددت أنواع الجوائز والمبدع واحد، جائزة أفضل مخرج، أفضل ممثل، أفضل سيناريو، أفضل فيلم، بالإضافة إلى جوائز لجان التحكيم والتميز، ليصل مجموع الجوائز العالمية إلى أربع عشرة جائزة، جميعها حصل عليها المخرج والكاتب والفنان يوسف علاري، فقط من خلال إنتاجه لفيلم واحد حمل اسم "صلاة العشاء".
استطاع علاري أن يحصد هذه الجوائز الدولية في خلال وقت قصير، كان آخرها أربعة جوائز من مهرجان "Roots" السينمائي الدولي وهي جائزة أفضل مخرج موهوب، جائزة أفضل فيلم سينمائي، جائزة أفضل سيناريو أصلي، جائزة أفضل حوار.
وما زال فيلم "صلاة العشاء" المثير للجدل، محط أنظار لجان التحكيم والنقاد والمهتمين بالسينما، وقد وصف الفيلم رئيس ملتقى الفيلم الفلسطيني ورئيس مهرجان العودة السينمائي الدولي المخرج سعود مهنا بقوله: أن فيلم "صلاة العشاء" إضافة للسينما الفلسطينية، ومن يشاهد الفيلم لن ينساه، فهو مليء بالإسقاطات ويحمل فكر وجمالية كبيرة عبرة حبكة درامية محكمة؛ لذلك رحبت به المهرجانات الدولية وحصل على العديد من الجوائز، كنوع من الاعتراف بأهمية الحالة الفنية وتفردها وجرأة الطرح، بغض النظر عن كيفيته وما أثاره من جدل إزاء الاختلاف والاتفاق على ماهية الموضوع وزاوية التناول.
عمل علاري من خلال فيلمه على تعرية المجتمع وإظهار الجانب الفاسد فيه بواقعية ومسؤولية دون ابتذال، وتعمد فضح النفوس المتعالية الشهوانية التي تستغل تفوقها الاجتماعي، فتحاول استغلال من هو أدناها مستوى أو من هو أضعف منها، كما يشير الفيلم إلى استغلال النساء، محط أطماع الكثيرين من أصحاب النفوذ، لتقع بين يدي باسم سيدة جميلة متزوجة، فيذهب إليها كل ليلة ويفعل بها ما يشاء، بمساعدة صديقه وائل الفنان "ماهر مزوق" الذي أبدع في تقمص الشخصية اللاأخلاقية، فصارت مركز التحول في الفيلم، الجدير بالذكر أن مخرج الفيلم "يوسف علاري" هو الذى قام بتمثيل دور المجرم باسم فتألق وأبدع في تقمص الشخصية والأداء الاحترافي العالي المستوى، وأدى الدور بفهم عميق للشخصية، وأيضا الممثل "محمد خالد" الذي وفق بتجسيد شخصية الإمام الذي كان له كبير الأثر على شخصية وائل، وأيضا الفنانة "منيرفا أحمد" التي قامت بدور الزوجة الخائنة كان أدائها رائعاً وعفويا، كل هذا القدر والتناغم في أداء الممثلين دعم قوة وجمالية الفيلم.
ختاما، استطاع علاري إيصال رسالته السامية للمشاهد، بقدرة إخراجية متميزة، وبحبكة وحنكة فنية ملفتة، دون إضافة مشاهد إباحية أو عري، رغم أن الفيلم يتحدث عن الخيانة الزوجية، وخلوة العاشقين، إلا أنه يخلو من دغدغة رخيصة للعواطف أو مواقف إخراجية مبتذلة من أجل الإبهار، رغم أن الحبكة الدرامية تبرر وجود مشاهد إغراء، وحين سأل علاري عن هذا الأمر، كان رده: أنا أحب أن أثير التفكير لا الشهوات، وأتلذذ بتعرية المفسدين، لا في نزع ثياب النساء.
لا شك أن الفيلم أفصح عن قيم كاتبه، و منتجه ومخرجه الملتزم الذي تحكم في السيناريو فنياً وجمالياً وبلور رؤيته الإبداعية الشخصية المتميزة، لينتج لنا فيلما يستحق بجدارة جميع الجوائز التي حصدها.