أماط ضابطٌ واحد، في قواتنا المسلحة الأردنية، الغِلالات التي تحجب الرؤية عن الجهود الهائلة التي تبذلها مؤسساتنا كافة، لكفالة الأمن واستمرار الاستقرار.
ففي العواصف والهطل المطري الومضي الصاعق الغزير، والزمهرير والصقيع، الذي شهدتها بلادنا قبل أسبوعين، كان أبناؤنا الجنرالات والضباط والجنود في غفاراتهم، في كامل الأهبة والاستعداد، يحمون الثغور والحدود، لنظل في فراشنا ننعم بالراحة والطمأنينة.
كان الملازم أول المثنى مفلح الشقيرات، أبن الشوبك الغالية، وابن الأردن الوعر الصلب، يرابط مع كوكبة النشامى، حرس الحدود على فوهة آليته، متكفِلاً بأمننا ضامناً لسكينتنا. وكنّا على يقين مطلق بأن المثنى ونشامى قواتنا المسلحة المحترِفة المحترمة، "قدها" وأكبر منها، كما كانوا منذ كان الجيش العربي الجبار.
لقد أدت الأمطار والسيول وما نقلته من أتربة وصخور بكميات كبيرة، إضافة إلى تشكّل برك مائية وانجراف التربة وتراكمها في مناطق مختلفة وبعمق يصل إلى عدة أمتار، أدى كل ذلك الى تصعيب مهمة عمليات البحث والتفتيش من اجل العثور على الملازم الأول المثنى الشقيرات التي قامت بها قواتنا المسلحة.
ما قصر ولا يقصر جيشنا، فقد سخّر مجموعات بحثٍ وإنقاذ عديدة، مساندة بطائرات سلاح الجو الملكي وفرق الدفاع المدني المتخصصة، والطائرات المسيرة والوسائل التقنية الحديثة، بالتنسيق والتعاون مع مختلف مؤسسات الدولة المعنية، وقامت بعمليات بحث وتفتيش مكثفة دون انقطاع للعثور على الملازم أول الشقيرات.
حدثني العين الفريق الركن جمال الشوابكة والعين اللواء الركن عبد الله المطر العجارمة، أن الضباط والجنود على الحدود، في أيام البرد القارس، يلفّون أنفسهم بالبطانيات ويثبتونها على اجسامهم المقرورة بالقوايش والأحزمة، طلبا لبعض الدفء وخشية التجمد.
لقد تابع ملكنا وقائد جيشنا وأبناء شعبنا، بقلقٍ بالغ ودعاء ورجاء، عمليات البحث الطويلة الأمد الشاقة، للعثور على الضابط الشقيرات، الذي قُسِمت له الشهادةُ أثناء أدائه الواجب الوطني لحماية حدود وطننا الحبيب.
إن المصير المشرف الجليل، للضابط المثنى مفلح الشقيرات، يكشف عن المجريات الضخمة التي تدور في أعماق مجتمعنا، وما يبذل من جهود لتحقيق الأمن والاستقرار.