بموجب إحساسنا نحن المتقاعدين العسكريين بمسؤوليتنا عن حماية الذي بنيناه ، فقد تنادينا إلى اجتماع في ضاحية الموقر نظمناه ووضعنا الكثير من خطوطه حيث طالبنا بمجموعة من الحقوق تشكل ما نعتقده برنامجاً وطنياً يستحقه هذا البلد الذي نفتديه بالأرواح . وفي نهاية اجتماع الموقر» يوم السبت ١ أيار ۲۰۱۰ أصدرت اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين، نداء عاماً إلى الأردنيين، موقعاً من ستين ضابطاً متقاعداً من رتب مختلفة ؛ يتضمن استعراضاً للمخاطر الخارجية، وخصوصاً الصهيونية، التي يتعرض لها الأردن، والوضع السياسي والاجتماعي الداخلي، ويطالب بدسترة فك الارتباط، وتشكيل حكومة وطنية دستورية وبقانون انتخابي على أساس تساوي المحافظات في المقاعد النيابية والنزاهة والتمثيل السياسي، كما طالب بدعم القوات المسلحة واعتماد سياسة دفاعية وتسليحية جديدة لمواجهة الخطر الصهيوني المستديم. نظمنا الاجتماع ووضعنا الكثير من خطوطه في ضوء المرارة التي تراكمت في القلب قبل وبعد سفرتي إلى أمريكا. أما السبب المباشر للبيان فهو أن أشقاءنا الفلسطينيين المقيمين في الأردن بدأوا ينشغلون عن قضيتهم المقدسة وأوغلوا في الاهتمام بالوظائف الأردنية، متناسين قضيتهم التي ندعمهم فيها ونتبناها واستشهد الكثيرون منا لأجلها . فنحن في النهاية نحرص أن يكون الفلسطيني فلسطينياً والأردني أردنيا» بدون خلط أو تمويه أو مواربة. وإذ نقول ذلك ونحرص عليه فلأننا نرفض التوطين السياسي والبشري، كما نرفض لإسرائيل تهجير الفلسطينيين إلى الأردن. وقد صرّحوا أكثر من مرة أن حكومة فلسطين شرقي نهر الأردن ، وحكومتنا لم تكن ترد عليهم. قلنا إننا سنرد عليهم بالرد الذي سبق إليه سليمان عرار من موقعه على رأس جريدة الرأي، هذا المنبر الوطني العالي، حين قال «كلنا فلسطينيون من أجل فلسطين، وكلنا أردنيون من أجل الأردن. لقد حصلنا على استقلالنا عام ١٩٤٦ وأعلنا المملكة الأردنية الهاشمية عندما كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني. وواجبنا الوطني أن نحافظ على الهوية الأردنية ونجعل أشقاءنا الفلسطينيين يحافظون على الهوية الفلسطينية، محافظتنا تتم باستلام مصيرنا والدفاع عن بلدنا وأن نرفض التوطين وأن نكون وطنا بديلا. وبالمناسبة أستذكر عندما قامت الإمارة الأردنية كيف احتج اليهود على أننا اقتطعنا جزءاً من ميراثهم؛ لاعتقادهم أن الأردن جزء من فلسطين، وأن فلسطين لهم أخذوها بوعد بلفور.... يومها قال لهم المعتمد البريطاني هربرت صاموئيل: أنتم عبارة عن منظمات غير معترف بكم كدولة، بينما الأردن إمارة بقيادة مير عبد الله سليل الثورة العربية الكبرى. وأضاف في حديث للعصابات الصهيونية عندما تصبحون دولة ذات سيادة، معترفاً بكم بهيئة الأمم فلديكم حلان: الأول الذي لا أقبله لكم وهو أن تحتلوا الأردن، وإذا فعلتم ذلك تصبح لديكم نسبة سكان عرب أكثر منكم وبالنهاية إذا حصلت ثورة اجتماعية فسيقضون عليكم. أما الحل الثاني الذي أقبله لكم فهو أن ترحلوا الفلسطينيين من فلسطين وترسلوهم إلى شرق الأردن، وتؤسسوا دولتكم اليهودية. هذا كان مخطط هربرت صاموئيل وهو من أصل يهودي، ولذلك فإنهم يخططون على نفس هذه المؤامرة يطالبون بأن تكون دولتهم يهودية ويريدون للفلسطينيين أن يكون بلدهم شرق نهر الأردن. وبعد صدور البيان ارتفعت الأصوات بمختلف الاتجاهات بين متفهم ومؤيد وهم الغالبية العظمى، وبين ما أساء الفهم وصدمته الحقائق . على مستوى الشعب الأردني جاءنا التأييد للبيان من شمال المملكة إلى جنوبها، ومن غربها إلى شرقها .. وفيما يتعلق بالشعب الفلسطيني قمنا في بياننا بتقوية قضيتهم ودافعنا عن الأردن. على المستوى الرسمي طلبني سيادة الشريف فواز الزبن مستشار جلالة الملك لشؤون العشائر، فأوضحت له أن هذا هو الخطر والمؤامرة التي نتعرض لها جميعا في الأردن، وهو ما يدفعنا للتأكيد بأن الأردني أردني والفلسطيني فلسطيني. ثم أن بياننا واضح بأن الهاشميين خط أحمر لدينا، فلا ولاية لأي كان في المملكة لغير جلالة الملك . هذا ما قلناه لسيادة الشريف، وأكد لنا أنه لا يوجد خطأ بذلك. لقد شعرنا بأن الأردنيين مهمَّشون، وتناوشتهم مصالح شتى . فهذا همّه أن يصبح شيخاً وذاك وزيراً أو سفيراً . لقد أصبحنا جهويين؛ لدينا شمال وجنوب وشرق وغرب ، وكثرت المشاكل وانفجر الانحلال وغزتنا عادات غريبة، وتضاءل عدد من ينتمي وطنيا للوطن، حيث الهم الأول انحصر بالكرسي يجلس عليه الشخص وينسى البلد، والمتضرر الأساسي نحن الأردنيون فإخواننا الفلسطينيون لهم قضية، أما نحن فقضيتنا هي وطننا الذي لا وطن لدينا غيره . وقع على بيان الموقر الذي كنت أنا من المؤسسين لمجموعته، ٦٢ ضابطاً متقاعداً ، معززين بالثقة في كوننا عسكريين. عاصرنا تاريخ بلدنا أكثر من غيرنا.
حاربنا في فلسطين واستشهد منا الكثيرون ، والجرحى أكثر .
الأردن أردننا، وهمنا عروبي، لكن قضية فلسطين أصبحت الآن وكأن هناك من يريدها على حسابنا. عندما كنا نناضل في فلسطين ونستشهد أو نُصاب في الوطن الجريح ، كنا نقاتل لتثبيت الفلسطينيين في فلسطين، وهذا الأمر نفسه كان هدفنا من البيان: «الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين. وقد لقي البيان صدى جيداً عند الأردنيين الوطنيين. وبذلك نكون قد قرعنا الجرس للأجيال القادمة وللناس الذين سرقتهم الوظائف والمصالح الشخصية .
قرعنا الجرس لأجل أن يفكروا بمصيرهم.
المصدر : الاردن لمين ...بادي عواد الرديني...ملك يوسف التل.