اعتقد من خلال عملي كمحامٍ بأن ما حصل بالتعديلات الأخيرة التي طرأت على قانون التنفيذ ما هي إلا خطوة إلى الأمام وبالاتجاه الصحيح لإعادة التوازن بين الدائن والمدين، لكون قانون التنفيذ عام 2002 كان مُنحازًا من وجهة نظري للدائن على حساب المدين.
ولا يعقل تشريعياً بأن يكون هذا التحيز متوجداً ويشكل خللاً جسيماً في هذه العلاقة التعاقدية بين الطرفين، ليتجه المشرع الأردني تدريجيًا إلى إصلاح تشريعي ينص على مبدأ عدم جواز حبس المدين.
وسأذكر بعض المعلومات المهمة حول التعديلات التي طرأت على قانون التنفيذ بصيغة سلسلة يسهل فهمها واستيعابها لغير أصحاب الاختصاص، على سبيل الذكر وليس الحصر: فقد كان بالسابق وقت ما كان يمثل الدائن والمدين أمام قاضي التنفيذ ويتم السير نحو إجراءات التسوية المالية التي تقضي على الزامية دفع المدين مبلغ 25% من إجمالي الدين كربع قانوني.
والمقصود بإجمالي الدين هو المبلغ الأصلي بالإضافة إلى الفوائد القانونية والرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة، إلا أن قانون التنفيذ الجديد قام بتعديل هذه المادة وأصبح المبلغ الذي يجب أن يدفعه المدين 15% من اصل الدين، أي بدون الفوائد القانونية والمصاريف والرسوم وأتعاب المحاماة.
وقد كان سابقًا يحبس المدين لمدة تصل إلى 90 يومًا للدين الواحد ، والكثيرون لا يعلمون ظروف الحبس وأثرها السلبي على عائلة المتعثر وأقاربه، وخاصة أن التوقيف من وجهة نظري سيسهم بتأخير السداد وتعقيد عملية الوفاء، بينما التعديلات الأخيرة للقانون الجديد قامت بتخفيض مدة الحبس على الدين الواحد إلى 60 يومًا كحد أقصى و في حال وجود ديون أخرى ومهما كان عددها، لا يجوز حبس المدين لأكثر من 120 يومًا في السنة.
ولا ننسى أيضاً ابرز التعديلات التي لا يجوز فيها حبس المدين منها المريض الذي يعاني من مرض مؤقت أو مزمن لا يجوز حبسه، لكون الفرق هو أن المرض المؤقت يؤجل حبسه حتى يتعافى، إضافة إلى عدم السماح لحبس الزوجين معا أو إذا كان زوج المدين متوفى أو نزيل أحد مراكز الاصلاح والتأهيل وكان لهما ابن يقل عمره عن (15) سنة أو من ذوي الإعاقة.
وجدير بالذكر أن القانون الجديد منع حبس المدين المريض بداء لا يرجى شفاؤه ولا يحتمل مشقة وتداعيات الحبس وذلك استنادا الى تقرير لجنة طبية رسمية( و هذا يسري على المرض المزمن لا يحتمل معه المدين الحبس، و هنا كان يجب على المشرع وضح نص هذه المادة لتفرقة بين مريض مرض الموت و المرض المزمن ).
وأود التنويه أنه لا يحبس المدين اذا كان دينه مرتبطاً بين الازواج ( مع التنويه هذا النص لا يطبق على النفقه و المهر)و اذا كان الدين بين الاصول و الفروع او بين الاخوه و من اهم التعديلات اذا كان الدين موثق بتأمين عيني
اذا قل مجموع ديونه عن مبلغ 5000 الاف دينار ( مع التنويه هذا النص لا يطبق على النفقة و المهر و عقود العقار وعقود العمل).
وأشير إلى أن الحالات التي يجوز فيها حبس المدين لو قل الدين عن مبلغ 5000 هي ديون النفقة وديون المهر
والفعل الضار (و المقصود بالفعل الضار هو الضرر النشأ عن جرم جزائي ) مثل التعويضات من قضايا الذم و القدح و التحقر او مثل التعويض عن الايذاء و غيرها من القضايا الناشاه عن جرم جزائي.
وختاماً أود التذكير أن الشيكات البنكية لا تزال تحت غطاء الحماية الجزائية، وهذا يعني أن محرر الشيك قد يواجه الحبس مهما كانت قيمة الشيك في حال تقدم حامل الشيك بشكوى لمحاكم صلح الجزاء.