عاماً بعد عام، تتوالى إنجازات الشباب الأردني، لتتخطى حدود الوطن الى العالمية، خاصة في المجالات العلمية والتكنولوجية والطبية وغيرها. فعلى الدوام، هناك أشخاص لا تقف التحديات أمام إرادتهم وعزيمتهم.. نماذج شابة امتلكت الإرادة والعزم لتحقيق إنجازات شكلت نماذج ملهمة لمن يريد الإنجاز.
من بين العديد من قصص النجاح هذه، قصة نجاح طبيب أردني عمل في الخدمات الطبية الملكية، تمكن بعزمه وإرادته من اكتشاف مرض وراثي جديد لدى الأطفال، سمته مجلة علمية محكمة في جامعة أوكسفورد "متلازمة الرقاد”.
فقد تمكن العميد الطبيب المتقاعد محمد الرقاد، وفريق بحثي يضم أطباء ومتخصصين، من اكتشاف هذا المرض الوراثي الجديد لدى الأطفال، الذي تشمل أعراضه تشوهات في عظم الجمجمة والوجه وصعوبات عصبية ومشاكل في العضلات.
يقول الدكتور الرقاد، إن "متلازمة الرقاد” من الأمراض الوراثية المتنحية، بمعنى أن الطفل يجب أن يحمل كلا جيني الطفرة الوراثية من الأب والأم سوية حتى تظهر عليه أعراض المرض، وتكون احتمالية إصابة الأبناء به 25 %؛ أي واحد من كل أربعة أطفال.
وبين أن سبب المرض هو وجود طفرة في الجين المسمى (DCPS)، التي تورث للأجيال اللاحقة عند حدوث الحمل.
وأجرى الرقاد أبحاثا استمرت خمس سنوات، واستعان فيها بمختبرات متقدمة ومساندة متخصصين كبار في سنغافورة وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية.
ومنذ أواخر العام 2010، شخص الطبيب الرقاد حالات ثلاثة أطفال ذكور من عائلة واحدة مصابين باضطرابات وراثية، ولكنها لم تكن آنذاك ككل الأمراض التي سجلت سابقا، إذ كانت مختلفة عنها.
طموح الرقاد الذي كان له بصمة واضحة في عالم الطب، لم يتوقف، وحبه للمهنة دفعه للحصول على شهادة الماجستير في علم الوراثة الطبية من جامعة غلاسكو في المملكة المتحدة العام 2004، ثم استطاع العام 2011 الحصول على شهادة الدكتوراه في علم الوراثة السريرية من جامعة نيو كاسل؛ إحدى أعرق الجامعات البريطانية.
عمل الرقاد في العديد من المستشفيات التابعة للخدمات الطبية، وتسلم رئيس شعبة الوراثة في الخدمات الطبية الملكية في مستشفى الملكة رانيا العبدالله للأطفال/ مدينة الحسين الطبية.
يقول الرقاد عن إنجازه، إن أي إنسان يبحث عن النجاح والتميز عليه بذل جهد كبير ليصل الى هدفه، ففي العمل السريري، يمكن أن تمر عليك حالات صعبة جدا لا تشخص، وفي هذه الحالة ترفع يدك عنها، لكن العزم والإصرار والتحدي، من أسرار النجاح الذي مكنه من الوصول الى هذا الإنجاز.
وأكد الطبيب الرقاد، أن المجتمع الأردني مجتمع مصغر بالنسبة للمجتمعات العربية، ونظرا للعادات والتقاليد المرتبطة بزواج الأقارب، تكثر الأمراض المتنحية، كمثال شخص يشترك مع إخوته بالجينات، فإذا تم الزواج من ابنة العم يوجد نسبة مشتركة من الجينات إذا كان بين الزوجين نسبة مشتركة بالجينات، فهي فرصة عالية لتلاقي الطفرات لتسبب الأمراض المتنحية وحدوث أمراض وراثية.
وشدد على نصيحة الأهل قبل إتمام الزواج، خاصة الأقارب، باستشارة طبيب وراثة، وأهمية زيادة الوعي عن طريق وسائل الإعلام والمدارس ومواقع التواصل الاجتماعي لمحاولة تخفيف هذه الأمراض في المجتمع الأردني.
وعن مراحل دراسته، يقول الرقاد، إنه بدأ الدراسة بالمدارس الحكومية، وأنهى الثانوية العامة من مدرسة سحاب الثانوية، كونه لا يوجد مدرسة ثانوية في منطقة مشيرفة الرقاد، وبعدها تم قبوله في الجامعة الأردنية وحصل على بكالوريوس طب وجراحة عامة، وعمل في الخدمات الطبية الملكية حتى تقاعد برتبة عميد العام 2020، ليعمل بعد تقاعده مدرسا في كلية الطب بجامعة البلقاء التطبيقية.