يعلق البعض على ان التدخل الروسي في أوكرانيا جاء بناء على متطلبات حماية أمنها القومي، وأنا أقول اتفق مع هذا الطرح من حيث المظهر العام، ولكن اختلف مع ذلك في المضمون والنتائج.
ارتكب بوتين حماقة كبرى في تعاطيه مع هذا الملف الأمني، إذ تستطيع روسيا إن تدافع عن أمنها دون إن تضر بنفسها، كيف؟. كما فعل الغرب تفعل روسيا الشيء نفسه، ولكن في مسار معاكس.
تمكن الغرب من الإطاحة بالنظام الأوكراني الموالي لموسكو، اعتمادا على احتاجات شعبية خرجت تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية، وتدعو للانفتاح على الغرب، والخروج من العباءة الروسية، لكن الرد الروسي لم يكن متوازنا، إذ عملت موسكو على ضم شبه جزيرة القرم، ودعم الحركات الانفصالية في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، إذ كان في مقدرة روسيا الإطاحة بنظام زيلنسكي دون التورط عسكريا، من خلال دعم القوى المعارضة لنظامه، وإعادة كييف إلى وضعها السابق.
كان يتعين على روسيا إعادة أوكرانيا إلى حضنها ثانية، هناك روابط تاريخية وثقافية عميقة جدا بين شعبي روسيا وأوكرانيا، لكن التدخل العسكري الروسي قضى على كل هذه الروابط، مثلا قبل 2014م كانت نسبة 90% من الأوكران يؤيدون التقارب مع روسيا، ومع بداية الاجتياح الروسي كانت هناك نسبة لا تقل عن 50% يؤيدون إعادة العلاقات مع روسيا باعتبارها جار قريب، وبعد أشهر من الحرب والدمار الذي تعرضت له أوكرانيا، أصبح أكثر من 90% من الأوكران ينظرون لروسيا كدولة معادية، ويتطلعون للانضمام للاتحاد الأوروبي.
تأسيسا على ما مضى يثار السؤال الآتي: هل من نتائج عملية تحققت لروسيا من هذا التدخل على صعيد الحفاظ على أمنها وتعزيز نفوذها؟...