تعصف حوادث السير بنا عصفا دمويا واسعاً، وتودي بحياة الآلاف من أحبائنا، وتورثنا الحسرات والأحزان والآلام، وتخلّف لنا أرامل وثكالى وأيتاماً ومشوهين، وتتسبب في رفع قضايا تنشغل المحاكم بها، وموقوفين في مراكز الإصلاح، وتتطلب أموالاُ للانفاق على المصابين في المستشفيات وبعد الخروج منها، وتهدر ملايين الدنانير على صيانة وإصلاح المركبات المتصادمة والمتحطمة، وتستلزم عطوات وصكوك صلح ومبالغ طائلة لدفع الديات !!
نخسر في سنة واحدة، بسبب حوادث السير الدموية، أكثر مما خسرنا في معركة الكرامة المجيدة مع العدو الصهيوني.
إنها حربٌ متواصلة فعلية حقيقية، لا هدنةً فيها ولا استراحة محاربين !!
وهي حرب استنزاف شعواء، نشنّها على أنفسنا، بأعلى درجات القسوة والوحشية !!
وتعالوا إلى آخر البيانات.
فقد كشف العميد الدكتور فراس الدويري مدير إدارة السير، أن الإحصاءات الرسمية بيّنت أنه نجم عن حوادث السير منذ بداية العام الحالي وحتى 17 أيار، 220 وفاة ومأساة !!
ويبين لنا الدكتور الدويري إن 98.8% من حوادث المرور والسير سببها الإنسان، وأنه تم تسجيل 45221 مخالفة قطع الإشارة حمراء منذ بداية العام حتى يوم 17 أيار !!
وأنه تم تسجيل 23512 مخالفة عكس اتجاه السير !! إلى جانب تسجيل 1732 مخالفة قيادة المركبة بصورة متهورة أو استعراضية.
وحسب الدكتور الدويري، فإن 3 مخالفات يتم ارتكابها وتُشكل ما نسبته 78% من الحوادث هي:
1-عدم أخذ الاحتياطات اللازمة.
2- تغيير المسرب.
3- عدم اعطاء الأولوية.
إضافة إلى سبب مدمر هو استخدام الهاتف النقال خلال القيادة.
وقعت تلك الخسائر المفجعة المرعبة بعد أن قدم رجال السير والمرور جهوداً جبارة للحد من حوادث السير والمرور المفجعة المفزعة.
إن هذه التسونامي الوطنية، التي لا تتوقف ولا تخمد، تستدعي منا المزيد من التوعية، والتشدد والتصلب في العقوبات المتصلة بمن يستهتر بأرواح أبنائنا.
فالتوعية والتبصير أولا، ثم العقوبة، التي من المؤكد أنها رادعة. فمن الثابت عن أميري المؤمنين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما مقولة: "إن الله يزعُ بالسلطان، ما لا يزع بالقرآن".