ربما تَعَطُّل تلفريك عجلون الذي استقطب في الأسبوع الأول من تشغيله الآلاف من الأردنيين والزائرين للإستمتاع بهذا المشروع النوعي، والذي يمكن أن يتكرر في مناطق عدة في الأردن في الوسط والجنوب، في أماكن تخطفُ الأبصار وتستقطب العديد من الزوار والسوّاح، وتسهم في تعزيز السياحية الداخلية والخارجية، يتطلب الوقوف عنده!
ربما مشروع تلفريك عجلون بدا حلماً في البداية، ولكنه نموذج للمزيد من الإستثمار في كنوزنا البيئية المتعددة التي تسهم في التنمية المستدامة وتشغيل المئات من الأيادي العاملة وتسهم في زيادة الدخل الوطني. ومع فرز هكذا مشاريع نحتاج إلى تنمية ثقافة الحفاظ على مقدّراتنا الوطنية والعناية بها وكأنها ملك لكل مواطن، فنحن بارعون في الحفاظ على ممتلكاتنا الخاصة ولكن ماذا عن ممتلكاتنا العامة؟ أليست هي أيضاً تخص الجميع، وسلامتُها وإستدامتُها وجمالُها مصلحة عامة تصب في صالح الجميع وخصوصاً أنها تعكس مدى رقينا الحضاري وعنايتنا ببلدنا ومقدّراته التي تصّب في الصالح العام؟
لماذا عندما نسافر إلى الدول الأوروبية والأجنبية ننصاع للقوانين والأنظمة ولا نجرؤ حتى على تجاوزها، فنمتنع حتى عن التدخين في الأماكن الممنوع فيها إشعال سيجارة عادية أو إلكترونية أو حتى إستخدام الهاتف النقال بشكل تام أو بصوت مرتفع، ولكن عندما يتعلق الأمر ببلداننا فنحن نتمرّد على الأنظمة والقوانيين ولا نريد أن نتقيد بها أو أن نراعي حرمة الآخرين وحاجاتهم.
لربما التدخين حرية فردية، ولكن يجب إحترام خصوصية الآخرين الذين يتأذوون من ذلك أو لديهم حساسية معينة أو حالة صحّية خاصة، وهنا تتجسد مفهوم الحالة الإيمانية إلى واقع عملي، فالإٍساءة للآخرين أو للممتلكات العامة يعاقب عليها القانون، ولكن ماذا عن التفّكر أو مجرد التفكير بالتسبب بالأذى أو التخريب بالممتلكات العامة، فمن يحساب عليه؟ هنا يكمن أهمية الرادع الإيماني الذي وجبَ علينا أن ننميه في نفوس أبنائنا.
والأمر كما تناقلته وسائل إعلامية، أن الصيانة التي تطلبها تلفريك عجلون كانت بسبب بعض الأمور التقنية علاوة على محاولات البعض التدخين بداخل كبائنها وبسبب خدش زجاج كبائنها. فهل وصل بنا الحد إلى تشويه جمالية هذه الكبائن؟ فأية نفسية نتحلّى بها؟ وماذا يعكس ذلك من تربية وثقافة نتحلى بها؟
نعم، من تلفريك عجلون علينا أن نبدأ..، وأن نراجع ثقافتنا الوطنية وواجبنا في الحفاظ على الممتلكات العامة والإهتمام بسلامة ونظافة بيئتنا التي نحيا بها. فإن لم نبادر إلى ذلك، فمن ننتظر؟