منذ إطلاقه نهاية سنة 2022 شات جي بي تي (chatGPT) تصدر العناوين الرئيسة للعديد من المنصات الإعلامية، والسبب أن هذه الأداة التي تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي (GPT-3) قادرة على الإجابة عن أي سؤال على نحو تفاعلي وكأنك تتحدث مع شخص آخر، بل بإمكانها كتابة التقارير وتصحيح الأكواد البرمجية واقتراح أفكار مختلفة في شتى المجالات العلمية والثقافية.
شكلت هذه الأداة قفزة نوعية في مجال الذكاء الاصطناعي وغيرت الكثير من الأفكار حتى إستراتيجيات عمالقة التكنولوجيا، مثل: مايكروسوفت، وغوغل، وغيرها. فسارعت مايكروسوفت للاستثمار في الأداة المفتوحة المصدر لتستحوذ على جزء كبير منها وجعلها أداة مدفوعة بعد أن كانت متاحة للجميع مجانًا ودمجها في محرك البحث Bing المعروف، لكن ما زالت هناك نسخة مجانية ولو بخصائص أقل من المدفوعة. من جانبها، سارعت شركة غوغل أيضا في إصدار نظام شبيه أطلقت عليه اسم Bard والذي يعتمد على لغة LaMDA وهو في طور
التجارب ولم يجر نشره للعموم.
خوارزمية ChatGPT3 تم تدريبها على 175 مليار متغير، وهذا شكّل سابقة من نوعها في مجال الذكاء الاصطناعي، لكن الجديد في الأمر هو إطلاق النسخة الثانية ChatGPT4 من قريب والتي تم تدريبها على 170 ترليون متغير أي ما يعادل ألف مرة من حجم البيانات المستخدمة في النسخة الأولى، و هذا يشكل قفزة كبيرة إذ البنية المعلوماتية للحواسيب لم تكن قادرة على استيعاب هذا الكم الهائل من البيانات من قبل.
هذه التكنولوجيا أصبحت قادرة على تحليل البيانات الضخمة مثل الصور والفيديو والنصوص بشكل كبير، فبإمكانها كتابة كتب كاملة وإنشاء فيديوهات وسيناريوهات في شتى المجالات انطلاقا من فكرة نصية بسيطة.
ومن بين الاستخدامات الأكثر شيوعًا لهذه الأداة: كتابة الأكواد البرمجية في مختلف لغات البرمجة وتصحيحها، فيكفي أن تذكر له بالتفصيل وبشكل نصي نوع البرنامج الذي تود كتابته واللغة المستخدمة ومن ثم سيعطيك هو الأوامر البرمجية للبرنامج المطلوب، وهذا سيساعد بلا شك مهندسي البرمجيات ومطوري المواقع والتطبيقات.
لكن من عيوب هذه الأداة أنها تعطي إجابات لأي سؤال حتى لو كان السؤال أو الجواب خاطئًا بشكل واضح، بالإضافة الى الانحياز في بعض الإجابات لأن بيانات التدريب كانت مختارة ومن ثم فالإجابات تكون دائمًا مشابهة لبيانات التدريب. ومن ثم فالبرنامج يحتاج إلى معلومات إضافية للاستجابة بشكل أفضل.
في الختام، البرنامج يمكنه تعويض بعض المهن التي تعتمد على التكرار مثل الإجابة عن الأسئلة الشائعة ولكن لا يمكنه تعويض المهن التي تحتاج الكفاءة البشرية والتواصل والطب وغيرها.-(الباحثون المسلمون)