تعود معرفتي بأبي حسن ( يوسف حسن العيسوي ) الى عام ١٩٨٤ تقريبا عندما جرى نقلي الى مديرية التدريب العسكري في القيادة العامة للقوات المسلحة الاردنية ، وقتها كان يعمل في مديرية ديوان القيادة العامة ،،وكان هناك زميل لي من بلدتي ( سحاب ) يعمل في نفس مديريته وبنفس رتبتي لا بل وحتى جاري (المرحوم العقيد ياسين سلمونه ) كنت ازوره بين الفينة والاخرى واجده غالبا جالسا في مكتب ابا حسن. في الزيارة الاولى مددت يدي مصافحا وسألته ، من أي دورة أنت. فضحك ياسين بيك وقال لي انه ترفيع تسلسلي يعني انتسب للخدمة برتبة جندي ثاني وتدرج بالترفيع ، ظننت انه يمزح فقد كان يبدو عليه انه من اجيالنا ، وهنا اكتشفت انه اكبر منا سنّا ، توّطدت العلاقة بيننا ، كان مشغولا دوما ،،لذلك يقوم الاخرون بزيارته ونادرا ما يغادر مكتبه ، كان ياتي الى الدوام ليكون اول من يدخل القيادة ويغادر متاخرا ليكون آخر من يغادر ، كان يأتي لزيارتي في مكتبي فقط اذا اراد ان يحصل على مكتسبات لجنوده مثل دورات خاصة ومميزة اذكر انه كان يسعى لتأهيل جنوده ليكونوا الاميز واذكر انني قد رتبت معه لارسال اول ضابطة اردنية للاشتراك بدورة لغة انجليزية تاسيسية في الولايات المتحدة الامريكية في عهد مدير التدريب العسكري المتميز العميد الركن آنذاك فاضل علي ، كان يعاني من شظف العيش مثلنا حيث كان يسكن في سكن الجيش بمدينة الزرقاء ثم انتقل الى ابو نصير عندما وزّعوا إسكانه على الراغبين من ضباط الجيش بعد ان تعذر تسويقه ،، كانت شقة عادية جدا لم تزد مساحة غرفة ضيوفه الكُثر عن ١٢ متر مربع لذلك عمد الى انشاء حديقة جميلة وشلال ماء في الحديقة الخلفية للمنزل والبالغة مساحتها ٢٤ متر مربع تقريبا وكان يجاوره كلا من العقيد على عوض النعيمي والعقيد احمد مهاوش مذيب. كان وطنيا منتميا لدرجة لا توصف اذكر انني زرته يوما وقام بالمناداة على ابنته ريهام ذات الثمانية اعوام وشقيقتها وغّنوا امامي اغنية هاشمي هاشمي التي كانت مكتسحة الشارع الاردني الفني ، عزّة نفسه منعته من الاستمرار بالخدمة العسكرية فهو لم يشارك بدورة كلية الاركان والتي هي شرط للترفيع الى رتبة عقيد ، لذلك عندما خيّروه بين البقاء برتبة مقدم والاستمرار بالخدمة العسكرية او بين الترفيع والاحالة الى التقاعد اختار الثانية ، عندما تم تكليف سيادة الشريف انذاك المرحوم زيد بن شاكر لرئاسة الديوان الملكي الهاشمي طلبه لتنظيم الامور القلمية والارشفة في الديوان وقد حدّثني بالامس عن هذه التجربة حيث وجد اطنانا من الورق ملقاه بمستودعات مهملة وبادر بطلب فريق عمل عسكري مكثوا ما يزيد على العام وهم ينظمون ويؤرشفون حتى اصبح الرجوع لاي وثيقة سهلا للغاية واثناء العمل عثر ابو حسن على ورقة مهملة فتحها فاذا هي بخط جلالة الملك الشهيد عبدالله بن الحسين يبشر بها الشعب الاردني بقدوم حفيده الحسين بن طلال وهي وثيقة هامة للغاية ، قام بتسليمها الى سيادة الشريف المرحوم والذي سلمها بدوره الى جلالة الراحل الخالد الحسين بن طلال وكانت مكافئته ان حصل على اكبر مبلغ تقاضاه في حياته وقتها ( ٥٠٠٠ ) دينار ، حتى يوم امس لمعت عيناه عندما حدثني عن الموضوع فالمبلغ لم يكن يتخيله. ولكنه عطاء من ملك كريم ،، نّظم امور الديوان وجرى تعيينه به ليتدرج من رئيس شعبة ادارة الى امين عام الى رئيس الديوان الملكي الهاشمي ويحمل لقب معالي منذ ما يزيد على خمس سنوات سار خلالها بنهج واضح وحقق طموح جلالة الملك عبدالله الثاني بان يقوم الديوان بفتح ابوابه لكل الاردنيين فهو ديوانهم ولهم الحق به اولا. عمل معاليه بكل همة ونشاط لتحقيق الهدف لا بل وتعداه ليصبح ديوانا لكل العرب ، يبدأ دوام ابا حسن في السادسة صباحا ويستمر احيانا لما يقارب منتصف الليل ، استضاف الديوان حتى اللحظة ما يناهز ١٦٠٠٠٠ مواطن وتم حل غالبية قضاياهم وعددا كبيرا من الاخوة العرب. ولا ننسى قيامه بالاشراف على تنفيذ المبادرات الملكية والتي تستدعي تواجده في مختلف مناطق المملكة جنوبا وشمالا. صحراء واغوارا علما انه تجاوز الثمانين ،، ماذا اكتب عنه وسيرته دسمة بحاجة الى حلقات وقد يسال البعض لماذا ؟؟ وارد بالقول ، إن سيرته يجب ان تكون مثالا يُحتذى للشباب ليعلموا ان لا مستحيل امام الارادة وان النجاح والتميز لا يعتمدان على الواسطة بل على الانتماء للعمل والاخلاص حد الوفاء له وبذل كل ما تستطيع لاثبات الذات ناهيك عن الخلق الكريم وحسن المعشر مع الجميع هذا غيض من فيض كتبته لحظات الفجر حيث الصدق،، وفاءا لزميل أحبه واعتز بصداقته فكل ما فيه جميل الاّ عندما يقوم بلسعك احيانا كدليل محبته لك وتّضطر ان تبّرر لزوجتك ان هذه من ابو حسن ويقوم هو بالنفي وتبدأ المعاناة.