مما يثير الغرابة والدهشة أنه عندما كنت في الجامعة في السنة الأولى قبل (٢٤) سنة حدثني زميلي بقصة حقيقية عاصرها في فترة طفولته حتى دخوله الجامعة و يذكر الراوي أن أهله كانوا يجاورون بيتا كانت فيه إمرأة عجوز تعيش في بيت ابنها، حيث دأبت زوجته على طردها بالليل وهي تكيل لها الشتائم والمسبات وكانت تقول : اذهبي عند ابنك الصغير و بناتك أنا مش مجبورة فيك إحنا يدوب نطعم أولادنا " وكانت العجوز ترد حسبي الله ونعم الوكيل وبعدها تلتزم الصمت .
ويضيف الراوي أن ابنها كان يتوسل لزوجته بألا تفضحهم في الحارة وأن إخوته متزوجون ولا يريد أن يقال طرد والدته .
وكانت تلك العجوز تمضي الليل جالسة عند عتبة البيت حتى يأتي أحد من الجيران ويتوسط عند زوجة ابنها لكي تدخلها البيت ولكن الأمر تكرر مرارا بطرد العجوز؛ مما دفعها إلى الذهاب إلى ابنها في محافظة أخرى .
يقول الراوي أن البيت الذي طردت منه العجوز كثرت فيه المشاكل بين الأبناء مع بعضهم تارة وبين والزوج والزوجة تارة أخرى .
يضيف الراوي أنه بعد مرور سنوات تزوج الأبناء و مات الزوج بعد إصابته بمرض عضال؛ مما دفع الزوجة لكي تذهب عند بيت ابنها القريب لها ، حيث يقول الراوي أن الزوجة ما أن لبثت سنة حتى توفي ابنها في حادث سير ، حيث بقيت الأم في بيت ابنها المتوفي.
يقول الراوي أن الخلافات بدأت بين زوجة الابن وحماتها، وكانت تطرد حماتها من البيت وتجلس الأم على عتبة البيت كما كانت تفعل حماتها السابقة -رحمها الله - إلى أن قامت أحد بناتها بدعوتها عندها مما أثار حفيظة الزوج واندلعت المشاكل بينهما بسبب والدتها مما تسببت في طلاق ابنتها مما دفعهن لاستجار بيت صغير أمضت فيه الأم وابنتها فترة سنة إلى أن تزوجت الابنة، فبقيت الأم وحدها في البيت ، حيث خشيت الابنة أن تعود المشاكل مرة أخرى بين زوجها و والدتها .
يضيف الراوي إلى أن الأم أصيبت بمرض نفسي ، حيث أصبحت تمشي في الشارع حافية القدمين وسببت احراجا لبنتها وأقاربها مما دفعهم بالذهاب بها إلى دور العجزة حيث توفيت بعد شهر من دخولها بيت العجزة .
عندما أنهى صديقي حديثه عن تلك القصة الحزينة تذكرت قول أبي الدّرداء "البِرُّ لا يَبْلَى، والإثْمُ لا يُنسَى، والدَّيَّانُ لا يَنام، فكُنْ كَما شِئْت، كَما تَدينُ تُدان".
هذه المقولة من الحِكَم التي تناقلها الناس عبر الزمن، وهي سنّة من سنن الكون، فقد جاءت الشواهد من القرآن الكريم والسّنة تُصدّق معناها كما بيّنا سابقاً، وهي تشبه مقولة ذكرها العلماء كثيرا، وهي: "الجزاء من جنس العمل".