كَثُرَ الحديثُ عن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية ، تعددت الآراء واختلف الناس من كلامِ حقٍّ يُرادُ به باطلٍ إلى كلامِ باطلٍ يُرادُ بهِ حقّ ، وعندما قطعت جُهينةُ قولَ كلِّ خطيبٍ بعد إقرار القانون من مؤسسات التشريع الدستورية ، تبيّن أنّ القصد حماية الناس من التنمُّر الإلكترونيّ .
تكمن أسباب التنمُّر في أنّ الثقافة العامة في المجتمعات العربية بما تُشكّله من معرفة وقِيَم ومعتقدات غير موحّدة نحو هدفٍ محددٍ ، لا بل انحرفت نحو شعاراتٍ سُرابيّة وأوهامٍ خُرافية أفرزت سموم قاتلة ، وعكست مساراتٍ مؤذية ، كالربيع العربيّ وخُرافاتِ داعش ، وعِداء الحضارة والتقدّم .
هنا نشأت ظاهرةٌ صوتيةٌ تخندقت خلفَ الشاشاتِ ، تحت عناوين حساباتٍ وهميَّةٍ أو حقيقيةٍ ، وبدأت معركة الدعاية المضللة والأخبار الكاذبة ، تُبشِّر بالإنهيار ، توحي بالخراب ، فكان لابدّ من قانونٍ صارمٍ رادعٍ ، يُجفف منابع الإنفلات في الفضاء الإلكترونيّ ، هنالك شرائح اجتماعية عريضة ، تقع ضحية للشبكة العنكبوتية .
نعم ، هناك طوفان ، نزع الثقة ، زاد عُمق الفجوة ، سرّع عجلة الإنحدار ، إنتهك القواعد الأخلاقية والقيم الدينية ، استخدم الإبتزاز ، وتجارة المخدرات ، والاحتيال ، والنصب ، وكل الأساليب الرديئة ، إنتهج الذمّ والقدح والتحقير ، والتزييف .
الواقع أنّ هذا القانون يحرر المجتمع من الإبتزاز والسلبية والتناحر ، يُلغي الظاهرة الصوتية ، يُساهم في بناء دولة قوية ذات مؤسسات اقتصادية وسياسية وإدارية صلبة متماسكة ، القانون يطوي صفحة التجريح ، القانون سلاح ردع ضد الألفاظ النابية ، هو ردعٌ يكفُّ الأذى ، وكفّ الأذى عن الناس صدقة .