تَغيَّرَ إستعمال السوشيال ميديا من وسيلة لطرح الرأي والرأي الآخر والتعبير عن آراءٍ متعددة تحترم أصول التعبير والحق في إيصال الصوت، إلى أداةِ تناحرٍ وإقتتالٍ بإستخدامِ أعتى أنواع الأسلحة الفتاكة في التجريح والإهانة وانتهاك الخصوصية والإساءة والتشهير.
لكل هذا وذاك وجب ضبطُ هذا الفضاء الإلكتروني الذي تسبَّبَ في تفسّخِ المجتمعات والكثير من العائلات والصداقات، ويُعزى له الكثير من المشاكل والتسبب في العداء بين الناس وحتى وقوع بعض الجرائم جرّاء الإستخدام السيء لهذا الفضاء الرائع الذي لم تصل إليه البشرية سابقاً على الإطلاق، حيث أنَّ من فوائده أنه قرّب البعيد عنَّا وسّهل علينا التواصلَ مع شريحة واسعة من الأصدقاء وأصحاب الفكر والثقافة والعلوم في كافة أنحاء المعمورة. وأعتقد أنَّ أهَّمَ ما يجب أن تتسم به السوشيال ميديا هو أن تحمل رسالةً في طياتها، لتكون أداةً في نشر الثقافة والفكر والمعرفة ، ووسيلةً لنشر القيم النبيلة والأخلاق الحميدة ومفاهيم إحترام التعددية الدينية والثقافية والعرقية والإثنية وغيرها.
ولعل أكثر ما يجب أنْ تؤثِّرَ فيه السوشيال ميديا هو الدفع بإتجاه الإصلاح بمفهومه الشمولي، إنطلاقاً من الإصلاح الإداري، فالإصلاح الإداري هو الأساس في أية عملية تنموية، وسبباً في النهوض نحو تجويد أفضل الخدمات المقدمة للناس بمساواة وعدالة وحرفية. وهذا الإصلاح هو حقاً ما نحتاج إليه إضافة إلى السَير في نهج الإصلاحات الأخرى السياسية والإقتصادية والإجتماعية، ولكنّ هذا الإصلاح يَبقى الأساس في تحقيق مفهوم الدولة الحديثة ويتقاطع مع كلِّ الإصلاحات الأخرى، لأنَّ المعركة في عالم اليوم هي معركة بين من يدفعُ بإتجاهِ الحداثة وبين من يمارسُ الشّدّ العكسي إلى الوراء بسبب الخوف من التغيير والحفاظ على المكتسبات والإمتيازات الخاصة والإبقاء على مراكز القُوى التي ستزول مع أية عملية تحديث وتطوير وإصلاح شامل.
يبقى أنْ تكونَ قبلة أي إصلاحٍ منشود مصلحةُ الوطن لأنَّها فوق أيِّ إعتبار، وَيبقَى مثلث مصلحة الوطن والشعب والعرش البوصلةَ التي يجب أنْ توجِّهَنا لنسيرَ نحو التقدُّم الإزدهار.