آلمني كثيراً ، وجعل في النفس غصةً و أنا أبحث في سيرتك يا أبا ياسر!! ، لم أكن أعرفه من قبل ، فقد شاهدته صدفة وهو في زيارة لإبنه صهيب في منطقة البرنيس( أحد أحياء الطفيلة ) قبل سنة تقريباً عندما كنت في زيارة لأشقائي ، القاطنين هناك ، فعندما اقتربت منه لطرح السلام عليه ، شاهدت البهاء و الوقار و السكينة على وجنتيه و كأنني أعرفه منذ زمنٍ طويلٍ ، فقد عرَّفَ عليَّ إبنه وشعرت وقتها بدفء حديثه وطمآنينة قلبي لنظراته و أن هذا الرجل يخفي وراءه شخصية عظيمة و سيرة عجيبة .
لم يطلب مني أحدٌ من أبنائه أن أكتب عنه و لكنني استفسرت فيما بعد من ابنه الذي يزاملني في قطاع التربية عن والده الذي أعجبت بشخصيته من النظرة الأولى ، فقد زاد إعجابي بالرجل عندما علمت أنه من الرجال الخيرين في وطننا الأردن ومن الذين خدموا زملائه في العمل ومن الغيورين على مصلحتهم .
قبل أيام اتصلت بأبي ياسر و كنت بصدد الذهاب لديه للبحث في سيرة عمله في معان و الطفيلة ، واشترطت عليه أن أجلس خارج البيت و أن لا أشرب عنده إلا الماءَ ، فقد شعرت أن الرجل يريد إكرامي، فقد حدد لي موعدا للقائه، فعاجلته واعتذرت منه ، و قلت له لم يسبق لي أن دخلت بيتا من الذين كتبت عنهم بإستثناء بيت الأستاذ الفاضل علي مقبل الهلول، و طلبت منه لقائه في المسجد إلا أنه أصر في البيت ، وسرعان ما غادرت بعدما طلب مني القدوم مرة أخرى و لكنني أعتذرت .
شعرت أن أبا ياسر قد تضايق من كلامي ، فقد بدأ يسرد أحاديث عن الكرم و الطيب ، فهمت لاحقا من إبنه اليوم في الدوام أنه زعلان كثير واستغرب تصرفي ، حدثته اليوم في إتصال هاتفي لامتصاص غضبه وأعلمته أنني لن آتي إليه بعدما حدثونا الأفاضل عن سيرته ، وأن عدم حضوري هو من باب الحيادية و أن الذين أكتب عنهم لم يسبق لي زيارتهم أو معرفتهم ، فشعرت أن الرجل لديه فراسةً ، حيث أشار عما أفعله من كتابات عن الرعيل القديم دون تقدير البعض ، فقد ظهر في حديثه ساخطا على تهميشي .
ويالها من سيرة!!!، وأنا أكتشف أن ما بحثت عنه ليس برجل عادي إنما نقابيٌ فريدٌ ، قل نظيره ، و شخصية بقيت في طي الكتمان و النسيان بسبب عدم إنصاف الرجل إعلامياً على مواقفه الرجولية .
يعتبر من رجالات القناهرة و الثوابية ، و أحد أبرز خبراء الزراعة في الأردن ؛ كونه من الرعيل الأول في العمل الزراعي من أقدم الحاصلين على شهادة الدبلوم الزراعي من معهد الغابات العربي كلية اللاذقية في سوريا تخصص غابات قبل زهاء ( ٤٥ ) سنة .
ذاع صيته في العمل النقابي ، خاصة أنه كان مفوها ذا هيبة و وقار ، سيما انه مخضرم في العمل النقابي من الطراز الرفيع في انتزاع و تحصيل حقوق عمال شركة الكهرباء الاردنية ، خاصة أنه انتخب عام (٢٠١٠ )ولغاية (٢٠١٥ ) نائبا لرئيس النقابة العامة لعمال الكهرباء في الأردن ، رغم أن البعض أكد لي سعيه في إصلاح ذات البين وحل الخصومات بين الناس إلا أنه نفى ذلك لي عندما سألته عن مشاركته في جاهات الصلح .
ما يثير الإنتباه و الدهشة أن أبا ياسر نقابيٌ شرسٌ محنكٌ داهيةٌ في المفاوضات شهد له مفاوضيه تارة و حمل وديع في علاقاته مع المسؤولين تارة أخرى ، حيث ساهم بالمشاركة مع زملائه في النقابة العامة لعمال الكهرباء في الأردن في تحصيل تعويض نهاية الخدمة لموظفي شركة توزيع الكهرباء بعد التقاعد ، رغم علاقته الوطيدة مع مدير شركة توزيع الكهرباء سابقا عطوفة السيد محمد الفريحات إلا أنه على طاولة المفاوضات رجل آخر لا تعرفه الصداقات ولا الزمالات ، حيث يضع مصلحة العمال فوق كل إعتبار من أجل تحصيل حقوقهم الوظيفية وفق قول مدير الشركة سابقاً في حديثه لي ، فقد وصفه بأنه نقابيُ وطنيُ غيور على مصلحة زملائه وحقوقهم و يسعى لخدمتهم و كان يثير إعجاب مديره فريحات رغم أن أبو ياسر يتشدد في تحصيل حقوق العمال وفق ما صرح به السيد المدير فريحات .
ساهم أبو ياسر في إحداث نقلة نوعية على صعيد موظفي وعمال الكهرباء ، حيث يرجع الفضل له ولنقابته في انتزاع حقوق العمال و زيادة رواتبهم عندما كان نائبا لرئيس النقابة العامة لعمال الكهرباء في الأردن وفق تعبير السيد المحاسب في شركة الكهرباء بسام الهريشات .
كان ذا حكمة و بصيرة ثاقبة في حل المشكلات المستعصية وفق مكالمة هاتفية مع عطوفة المحافظ الأسبق محمود غنيمات عندما كان نائبا لمدير زراعة معان الراحل أحمد آل خطاب - رحمه الله - حيث يلجأ إليه في حل المشكلات المستعصية كون أبو ياسر لديه أسلوب و تأثير عجيب في حل المشكلات وفق قول المحافظ .
وأضاف أنه كان يشرك أبا ياسر في اللجان الإنتخابية لخبرته وحكمته ونظرته الثاقبة ، حيث عينه مساعداً له في كثير من اللجان .
وأشار المحافظ أبو غانم أن أبا ياسر يشارك الناس أفراحهم وأتراحهم وكانت يداه مفتوحتين والذي في يده ليس لديه في إشارة منه على سخائه وكرمه .
ولد الحاج بكر سلمان فلاح القناهرة عيال عواد في الطفيلة عام (١٩٥٢) في مكان إقامته في عيمة حاليا، و له من الأبناء (٥) من الذكور و (٤) من الإناث.
درس الصف الأول الإبتدائي عام (١٩٥٨) في مدرسة عيمة الإبتدائية و كان مدير المدرسة الراحل سلامة العودات ، حيث أمضى دراسته الإبتدائية فيها .
بعدها انتقل إلى مدرسة عيمة الثانوية و درس المرحلة الأعدادية، حيث أنهى الثالث إعدادي(المترك) و كان مديروا المدرسة الراحلون لطفي الحوامدة و صبري الوحوش ، وعارف المحاسنة ، حيث تتلمذ على أيدي نخبة من المربين الأفاضل أمثال الراحلون علي فهد السعود ، أحمد سليم الحراسيس، ذيب الشحاتيت ، ابراهيم الجرابعة و غيرهم .
و في عام (١٩٧٠) حصل على الثانوية العامة الفرع الزراعي بتقدير جيد جداً من مدرسة الشوبك الثانوية الزراعية التي أصبحت فيما بعد كلية زراعية .
في عام (١٩٧١) عين في زراعة جرش موظفا ، حيث أمضى فيها لغاية عام (١٩٧٤) .
في عام (١٩٧٥) انتقل إلى الطفيلة وعين مأمور حراج .
بعدها في عام (١٩٧٨) ابتعث على نفقة وزارة الزراعة لإكمال دراسته ، حيث أنهى شهادة الدبلوم الزراعي من معهد الغابات العربي كلية اللاذقية في سوريا تخصص غابات .
في عام (١٩٧٩) ولغاية عام (١٩٨١) عين رئيسا لقسم شؤون الموظفين في مديرية زراعة معان .
وفي عام (١٩٨٢) ولغاية (١٩٩٠) عين رئيسا لمركز زراعي حدود المدورة/ مديرية زراعة معان .
في عام (١٩٩١) ولغاية (١٩٩٧) عين مساعدا لمدير زراعة معان ومديرا للشؤون المالية والإدارية ، حيث تخلل هذه المدةو بالتحديد عام (١٩٩٥) عين رئيسا للجنة بلدية الفرذخ/ قرى النعيمات
وفي عام (١٩٩٧) تقاعد من وزارة الزراعة .
في عام (٢٠٠٠) عين في شركة كهرباء الطفيلة كاتب اشتراكات- للدوائر الحكومية .
وفي عام(٢٠١٠) ولغاية (٢٠١٥) عين نائبا لرئيس النقابة العامة لعمال الكهرباء في الأردن .
وفي عام (٢٠٠٥) ولغاية (٢٠٠٧) عين رئيسا لجمعية القرى الصحية
وفي عام (٢٠٠٥) ولغاية (٢٠١٠) عين عضو في الهيئة الإدارية لنقابة عمال شركتي الكهرباء- التوزيع والوطنية .
في عام (٢٠١٢) إلى عام (٢٠١٥ )عين مستشارا في شركة الكهرباء لشؤون العمال للدفاع عن موظفي وعمال شركة توزيع الكهرباء من أجل المحافظة على حقوقهم وأمنهم الوظيفي .
وفي عام ( ٢٠١٥) تقاعد من شركة توزيع الكهرباء .
شارك في برامج ودورات ومحاضرات كثيرة فهو عضو لجنة مركزية المحافظة لجمعية الإنماء الإجتماعي في جمعية الإنماء الإجتماعي / حي نزال ابتداءً من سنة (٢٠٠٠) حيث محتويات البرنامج من أجل إنشاء مصنع الألبان الحالي في الطفيلة بتمويل من وزارة التخطيط وإشراف جمعية الإنماء الإجتماعي ، كما شارك في نشاطات تنموية ومهنية ابتداءً من عام (٢٠٠٠) في جمعية الإنماء الإجتماعي/عمان .
يعشق البساطة حيث كان زاهداً ، ودوداً ، معتدلا ، يتمتع بخصال و مزايا حميدة، جلّها الإيمان ،و دماثة الخلق ،وحسن المعشر، وطيبة القلب، متميزًا بالتواضع .
نعم الرجل الهادىء القارىء للقران ، والمواظب على الصلوات في المسجد يتمتع بالرزانة والهدوء وفق الشيخ عبدالكريم السعود .
امتازت شخصيته بالحكمة والدراية و إلمامه بأساسيات الحوار و النقاش خاصة في عمله النقابي ، لإمتلاكه شخصية على مستوى عال من الثقافة أهلته أن يكون من الذين يقودون العمل النقابي لعمال شركة الكهرباء في الأردن .
شديد الالتزام بعمله ، فقد كان يقوم بعمله على أتم وجه وفق قول مجموعة من الذين عاصروه في زراعة معان .
نسأل الله أن يحفظه ويديم عليه الصحة والعافية، وأن يجزيه خير الجزاء وأن يبارك في أعماله وأن يبارك في أبنائه حتى يسيروا على خطاه في الخير و العمل والصلاح .