صفتان متلازمتان للإنسان الذي يخشى الله ويسير بموجب وصاياه. وهاتان الصفتان هما أصلاً متأصلتان في الذات الإلهية، فأعمال الله كلُّها بِرٌّ وكلُّها عدل، وما يطلبه الله منّا اليوم أن نعيش بموجبهما فلا نعمل إلا أعمال البّر، لا أعمال الشر وأن نقيم العدل في الأرض.
صحيح أن هناك أمور يصعب تفسيرها في الحياة ويصعب الإجابة عليها، خصوصاً ما تتعرض له البشرية من كوارث وأهوال وربما ظُلمٍ من جراء تَجبّر الإنسان بأخيه الإنسان وإستخدامه لسلطانه ولجبروته ولتأثيره ولأمواله، ولكن مهما بلغت قوة الإنسان وجبروته فلن يقدر الإنسان أن يغّير مقاصد الله وإرادته. هناك إمبراطوريات طواها التاريخ وجبابرة مُسحوا من وجه الكرة الأرضية، وكما قال الشاعر يوما: "وما من يد إلا ويد الله فوقها .. ومن من ظالم إلا وسيبلى بأظلم".
وما هو منوط بالإنسان المؤمن المتكِّلِ على الله أن يثق كلَّ الوثوق برحمة الله وبرّه وعدله، فمهما حلّ بعالمنا ومهما أصابنا من ضيق فعين الله فوقنا لا تنعس ولا تنام " لا ينعس حافظك ولا ينام، الرب ظلّ لك عن يدك اليمنى، لا تضربك الشمس في النهار ولا القمر في الليل" ، ولا يجب أن تنالَ منّا الأحداثُ أو من إيمانِنا الواثقِ والأكيدِ بأنَّ الكلمةَ الأخيرةَ ليست للشر وليست للفساد وليست للإستبداد بل الكلمة الأخيرة هي لله ولقوة كلمته "لأنه قال فكان، هو أمر فصار"، كلمته تعمل دائما لإحقاق الحق وإقامة العدل في الأرض، فحتى لو كان " ملكوت الله يُغتصب والغاصبون يختطفونه" لكن ملكوت الله هو بِرٌّ وفرح وسلام وعدل ومحبة.
فلا يجب أنْ تَخفتَ شمعةُ محبتنا ولا عطاءُ قلوبنا ولا سعيُنا لعمل البّر والإحسان ولا السعي الدائم لإقامة العدل وإحقاق الحق وإنصاف الناس. فما هو مخفي اليوم سيظهر غداً لا محالة لأنه ليس عند الله محاباة "والله لا يقبل الوجوه، بل في كل أمة الذي يتقيه ويصنع البّر مقبول عنده".
فلا وقت لدينا يَضيعُ هباء، بل كل ما يؤول لعمل البّر وإقامة العدل.