أخطرُ ما يواجه مجتمعاتِنا هو أن تخلو خدمتُنا من قوة الروح والعزيمة الصادقة، ففي جميع قطاعات الحياة نحتاج أن نمتلكَ روحَ تلك الخدمة وعزيمتها لتكون خدمة قوية وفاعلة من غير وَجَلٍ أو خوف، ومن غير جبن أو ضعف، متحلّين بالقوة اللازمة، وبروح المحبة وحسن التصرف بالنفس أولا.
لذلك نحن مدعوون أن نخدمَ الله والناس بروحٍ قويةٍ وبعزمٍ وبأس لايلين، فلا تهزّنا العواصف ولا الشدائد من حولنا، بل تزيدنا إصرارا وقوة على الوقوف في وجه الظلم والإنتصار لكل ما هو حق وعدل. فالخدمة لا تحتمل الرمادية، بل الإنحياز دوماً إلى جانب الحق والتقيد بالأنظمة والقوانين التي تنظم كامل شؤون الحياة، بعيدا عن الفوضى والعشوائية. فالحياة لا تتقدم ولا تزدهر من غير نظام وترتيب، فالطبيعة بطعبها تأبى الفوضى، والفوضى هي أول عدو ضد التقدم والتطور والإنجاز، وواجبنا أن ننظم الأمور ونرّتبها
كذلك خدمتنا يجب أن تتحلى بروح المحبة، والمحبة لا تعني أبداً المجاملات الكاذبة أو النفاق أو التستّر على الخطأ، بل تعني معالجة كافة الأمور بروح المحبة التي تَعصبُ وتَشفي وتؤول لتصحيح الأمور بأقّل التكاليف وأقل الإضرار، فحياتنا كلُّها معرضة للخطأ، ولكنّ قوة الخدمة تكمن في كيفية معالجة الأمور بروح تخلو من الإنتقام والتجريح والتشهير، وبما يسهمُ في رأبِ الصدع وتصحيح المسار.
كذلك، على من يتبوأ أي خدمة، عليه أن يكون المثال الساطع في تأدية رسالته، فلا ينفع على الخادم أن يخالف ما يدَّعيه وينادي به، فهذا يكشف رياءه ونفاقه، ويضعف من رسالته ومهمته في قوة قيادته وقوة خدمة المرتجاة منه.
فالخدمة الصادقة، لا تخلو من تحمُّل الآلام والأتعاب في سبيل تأدية واجبها وحمل رسالتها، لكنّ هذه الآلام هي آلام مباركة ومقدسة، تحمل في ثناياها قوة ربّانية، يمنحها الله لمن يتألم من أجل الّبر والخير العام، ومن أجمل قيم العدالة والمساواة ونشر السلام والوئام بين البشر. وخدمتنا هي دعوة مقدسة وجب أن نؤديها بكل أمانة وإخلاص، وليس لإستحقاق فينا، بل هي أمانة بمقاصد الله ونعمه السماوية.
فهل نحمل خدمتنا على محمل الجّد؟ فروح الخدمة لا تحتمل إلا التحلِّي بروحِ القوة والمحبَّة وضبط النفس.