في 19 نوفمبر دخلت العلاقات الأذربيجانية-العراقية حقبة جديدة مع الزيارة الرسمية الأولى للرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد إلى أذربيجان. وفي إطار الزيارة عقدت مراسم توقيع المستندات التي
تعكس بنفسها إقامة علاقات جديدة ومواصلة تطوير المجالات المختلفة بمشاركة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف والرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد. وأشار رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف إلى أن العراق وأذربيجان يتضامنان دائما في المنابر الدولية المختلفة.
وتم التوقيع على خمسة المذكرات التفاهم بين المؤسسات الحماية الاجتماعية والسياحة والتكنولوجيا الرقمية والنقل التي تمثل الجانبين، مما يعكس التركيز المستمر على التنمية المشتركة لكلا البلدين في المستقبل.
بجانب ذلك وقعا وزير خارجية جمهورية أذربيجان جيهون بيراموف ونائب وزير خارجية جمهورية العراق محمد حسين بحر العلوم على "مذكرة تفاهم بشأن المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية" خارجية جمهورية أذربيجان ووزارة خارجية جمهورية العراق"، وهذا يعني أن الموقف من الأحداث التي تجري في المنطقة يتم تجهيوها والاتفاق عليه بشكل مشترك.
وتشير مذكرات التفاهم الموقعة في خمسة مجالات في إطار هذا الاجتماع إلى أن هناك فرصا وإمكانات كبيرة في مجال توسيع العلاقات بين أذربيجان والعراق. ولا تعتمد العوامل المذكورة على الإمكانات الاقتصادية فحسب، بل على القيم المشتركة أيضًا.
. وأكد الرئيس إلهام علييف أن اجتماع اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والفني والثقافي سيعقد في العراق في المستقبل القريب، وأنه سيلعب دورا هاما في مواصلة توسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية.
تعود العلاقات الثنائية إلى السبعينيات من القرن الماضي. وفي عام 1974، تم افتتاح القنصلية العراقية الأولى والوحيدة في الاتحاد السوفييتي في باكو. وفي عام 1979، تم التوقيع على وثيقة توأمة مدينتي باكو والبصرة. ومنذ تلك السنوات، تم عقد العديد من اللقاءات المتبادلة مع مسؤولي الدولة وعلماء الدين المؤثرين.
أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين في السنة الأولى للاستقلال. وتم رفع البعثة الدبلوماسية للعراق إلى السفارة في عام 1992، الذي عملت لعدة سنوات على مستوى القنصلية العامة في أذربيجان خلال الحكم السوفياتي. وبعد بعامين، في 21 أكتوبر 1994، تم التوقيع على اتفاقية تعاون بين وزارتي الثقافة والإعلام الأذربيجان وجمهورية العراق في بغداد. شملت علاقات أذربيجان مع العراق مجالات العلوم والتعليم والثقافة، وتمت العلاقات السياسية في إطار السفارة العراقية في باكو والأمم المتحدة.
وكان الموقف الداعم للبلدين تجاه بعضهما البعض متبادلا. وهكذا كانت أذربيجان من الدول التي دعمت الدولة العراقي خلال الأزمة الداخلية ، التي أصبحت الآن مستقرة سياسيا. لقد دعمت أذربيجان دائما العراق في إطار المنظمات الدولية، ويجري حاليا العمل المنتظم في البرلمان العراقي من أجل التطوير المستمر للعلاقات مع أذربيجان.
وفي السنوات الثلاث الماضية، تستمر هذه العلاقات في سياق زيارات المسؤولين العراقيين إلى أذربيجان. وعقد الاجتماع الثاني للجنة الحكومية المشتركة بين أذربيجان والعراق في أغسطس 2021، والاجتماع الأول للمشاورات السياسية العراقية الأذربيجانية في العام الماضي.
تأسست اللجنة المشتركة بناء على "اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني والثقافي بين حكومتي جمهورية أذربيجان وجمهورية العراق" الموقعة في باكو في 10 نوفمبر 2010. عقد الاجتماع الأول للجنة في 4 ديسمبر 2013 في باكو.
عقدت المائدة المستديرة الأذربيجانية العراقية حول فرص التعاون التجاري بتنظيم وكالة تنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة (كوبيا) بدعم من اتحاد غرف التجارة العراقية.
وفي 28 سبتمبر 2021، عُقدت مائدة مستديرة الأذربيجانية العراقية بهدف تطوير ودعم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين رجال الأعمال الأذربيجانيين والعراقيين.
وعقد الحفل بمشاركة أورخان محمدوف رئيس مجلس إدارة وكالة تنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة، ونياز علي زاده رئيس غرفة التجارة والصناعة بجمهورية أذربيجان، ويوسف عبد اللاييف رئيس صندوق ترويج الصادرات والاستثمار الأذربيجاني وناصر محمدوف نائب القائم بالاعمال أذربيجان في العراق و من الجانب العراقي عبد الرزاق الزهيري رئيس اتحاد الغرف التجارية العراقية ومكي رسن المعموري نائب القائم باعمال العراق في اذربيجان.
وفي إطار اللقاء تم الإشارة إلى أهمية تطوير ودعم العلاقات التجارية بين البلدين وإقامة علاقات تجارية موثوقة بين رجال الأعمال، وتم مناقشة إدخال السلع المحلية إلى السوق العراقية والزيارات المتبادلة.
وفي ختام الحفل تم التوقيع على اتفاقية التعاون بين غرفة التجارة والصناعة في جمهورية أذربيجان واتحاد غرف التجارة العراقية.
وتستمر العلاقات الثنائية المتطورة في مجالات أخرى. تم افتتاح الرحلات الجوية المباشرة بين أذربيجان والعراق في عام 2015 ودعمت بشكل كبير لتطوير السياحة بين هذين البلدين. وهكذا بلغ عدد السياح من العراق إلى أذربيجان إلى 80 ألفاً. استؤنفت الرحلات الجوية عملياتها هذا الشهر التي تم تعليقها بسبب جائحة كوفيد-19. وكما من المتوقع أيضًا أن يتم تشغيل الرحلات الجوية المباشرة بين كركوك وباكو في المستقبل القريب.
ومن الجدير بالذكر أن الأمة التركمانية، وهي ثالث أكبر مجموعة عرقية في العراق، تلعب دورًا رئيسيًا في الحياة الاجتماعية والسياسية في العراق. وهذا أحد المواضيع الثقافية التي تربط البلدين.
بالإضافة، يشكل محمد فضولي ذو الأصل الأذربيجاني جسرا ثقافيا كبيرا بين البلدين. وعلى وجه الخصوص، تم بناء الغالبية العظمى من المعالم المادية والثقافية في مدينة بغداد خلال العصور السلجوقية والخانية والجليرية والصفوية والعثمانية. تثبت هذه الحقيقة مرة أخرى أن الشعوب التركية، وخاصة الأذربيجانيين، قدمت مساهمة كبيرة في تشكيل وتطوير الثقافة الإسلامية والتراث المادي والثقافي.
ومع تحرير أراضيها من الاحتلال، اكتسبت أذربيجان قوة وفرصًا جديدة في سياستها الخارجية. ويمكن تقييم التطور السريع للتعاون بين العراق وأذربيجان في هذا السياق في الآونة الأخيرة.
ومن المهم جداً بالنسبة العراق أن تقيم علاقات مع أذربيجان، زعيمة جنوب القوقاز وجزء مهم من العالم الترك. وأذربيجان هي أيضًا حليفة لتركيا جارة العراق وجارة إيران. وبهذا المعنى، فإن مثل هذه الزيارات مهمة من حيث التعاون الأوسع في المنطقة في المستقبل.