استشهد وصفي التل رئيس الوزراء و وزير الدفاع الاردني في مقر إقامته في العاصمة المصرية القاهرة في 28/11/1971، حيث تفرض الأعراف الدولية ان يكون مقر إقامة الوفود الرسمية مؤمن بحراسة مشددة فكيف ان كان المستهدف رئيس الوفد المعني في موضوع الاجتماع؟ فالشهيد وصفي التل كان بواجب رسمي يلبي دعوة رسمية من البلد المضيف، مع هذا لن نخوض في التواطؤ الواضح في اغتياله، ذهب وصفي للمشاركة في اجتماع مجلس الدفاع العربي بفطرته، ونيته السليمة، ورجولته، التي تعتمد المواجهة نهجا، دون ان يقتنع ان هناك عقولا، و ايدي ملطخة بالدم، والعار، تخطط لاغتياله وهو ضيف رسمي وممثل لبلد عربي يحاول ان يلملم الجراح الخارج منها للتو.
حمل وصفي التل هم الأمة كما كان يحمل هم وطنه الأردن، فهو أول من أطلق شعار "عمان هانوي العرب”، أي جعل عمان عاصمة النضال الفلسطيني، ولكن لم يرق هذا للباحثين عن السلطة باي وسيلة، وعلى أي بقعة الأرض لا يهمهم ان كانت الارض جزء من وطنهم المحتل او تخريب بلد اخر واستلام السلطة فيه، المدعين والمطالبين بتحرير فلسطين علانية وفي الخفاء يسعون الى تحقيق حلم المحتل في إيجاد وطن بديل لهم يستلموا فيه السلطة، كان الشهيد يؤمن ايمانا مطلقا ان الاخطار التي تهدد الامة لا يمكن مواجهتها الا بالعمل العربي المشترك وبضرورة دعم كفاح الشعب الفلسطيني في سبيل تحرير فلسطين، هذا هو وصفي القومي والذي كان مقتنع قناعة مطلقة انه لا يمكن ان يقدم أي اخ مساعدة لأخيه ان لم يكن قد امن بيته ورتب شؤونه الداخلية والخارجية لذلك عمل بكل جد من اجل النهوض بالأردن في مختلف المجالات، وحاول بكل جهده ان يبني مع الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه الأردن النموذج والقلعة الصلبة التي لا يمكن ان يؤثر عليها وبها أعداء الداخل والخارج واهتم بأدق التفاصيل من اللهجة الأردنية التي اوجد لها برنامج خاص في الاذاعة الاردنية حتى لا تندثر الى إقامة المراكز العلمية المرموقة للنهوض بهذا الوطن، فالعلم ركيزة أساسية من ركائز النهوض بالوطن، لقد رفض وصفي فكرة المدارس الخاصة وترخيصها في الاردن لأنه يعلم ما يعانيه المواطن الاردني واراد من المعلم الاردني ان يكون نموذجا في العطاء، بعيدا عن المغريات المادية لدى من اراد ان يتاجر في تعليم ابناء الأردن، وكان المعلم عن حسن ظن الوطن الشهيد وصفي به، وكذلك ركز وصفي على القطاع الزراعي، لأنه يدرك اهمية هذا القطاع ودوره في تامين الحياة الكريمة للمواطن الأردني، فعمل على تشجيع الزراعة البعلية، والمروية، في كل مكان من الاردن يمكن ان يكون منتجا حتى انه استعمل صلاحيته في قانون الدفاع وطلب من الحكام الاداريين سجن كل مالك ارض زراعية لا يقوم بزراعتها، ناهيك عن اهتمامه بمختلف المجالات التي من شأنها بناء الوطن النموذج الذي كان يسعى له وصفي ورفاقه
لقد كان وصفي قصة وطن ويصعب تدوينها فهو المسؤول النموذج الذي رفض ان يكلف خزينة الدولة مبلغ ستة دنانير مقابل توصيل اعمدة الهاتف الى منزله في الكمالية وطلب من مدير مكتبه ان يقسط المبلغ بواقع دينارين كل شهر من راتبه الشخصي، لقد خبر وصفي الاردن وعرفه من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربة عرف حتى ادق تفاصيل الحياة للشعب الاردني وخبر الارض الاردنية وعرف انها كريمة ومعطاءة لمن يعتز بها ويحميها وانها جرداء قاحلة لمن يتنكر لها لقد كان الشهيد وما يزال مدرسة لكل من عشق الاردن وتعلق به .
من اقوال الشهيد وصفي التل في خطاب الثقة امام مجلس النواب في حكومته الاخيرة
"ان المواطن الذي يعيش في امن حقيقي هو وحده القادر على العطاء وهو الذي يعرف كيف يموت بشجاعة في سبيل بلده وقضيته، اما المواطن الذي يعيش في الرعب والفوضى فلا يملك شيئا يعطيه لبلده او قضيته او حتى لأحد من الناس"
ان من اغتال وصفي كان يعتقد انه يغتال الأردن وغاب عن باله ان كل بيت اردني يوجد فيه وصفي مستعد ان يقدم ويضحي في سبيل الأردن مثل وصفي ورفاق وصفي واكثر رحم الله الشهيد وصفي التل وعاش الأردن حرا ابيا في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة