في الأحداث التي جرت في السابع من أكتوبر الماضي، أظهرت المعطيات المتغيرة تحديًا شبه مستحيل للمفكرين والمحللين السياسيين والعسكريين في إعطاء أي تنبؤات أو تحليلات نمطية، هذه الصعوبة تعود بالتأكيد إلى الأثر الكبير الذي خلفته قوة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، حيث كانت تلك الأحداث صدمة ثلاثية الأبعاد للكيان المحتل، بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك مفاجأة فريدة من نوعها أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد سباق التطبيع مع المحتل وزادت من نسبة التأييد والتعاطف والإيمان بالقضية الفلسطينية على نطاق واسع في كل أنحاء العالم، مما أسهم في تعزيز ترابط نسيج الشعوب العربية والإسلامية.
هذه المفاجأة أحدثت تأثيرًا إيجابيًا غير متوقع على الصعيدين الإقليمي والدولي، وكشفت عن ضعف في التأثير الذي تمتلكه الدول العربية، كما أظهرت الوحدة والتكاتف الذي حققته الشعوب العربية سويًا تأثيرًا ملحوظًا، خاصة في ضغط الرأي العام الدولي لوقف العدوان الإسرائيلي الوحشي على المدنيين الأبرياء و الأطفال والنساء، وكذلك في قيادة حملات مقاطعة للشركات والجهات التي تدعم الكيان الغاصب.
ومع ذلك، كان هناك تفاوت في التعامل مع الوضع من قبل بعض القيادات، حيث اعتبر البعض أن الشأن الفلسطيني يتعلق بدرجة أكبر بدول الجوار مثل الأردن ومصر و أحد هذه الأسباب ملف التهجير القسري، بينما أدرك البعض الآخر أهمية الدور الإقليمي الأوسع الحقيقي بماهية الاحداث.
كانت التحولات الأخيرة تعكس أيضًا التناقضات والازدواجيات في المواقف الغربية تجاه الأحداث، حيث كشفت عن استخدام معيارين مختلفين في التعامل مع ضحايا الاحتلال الإسرائيلي مقارنة بغيرها، ف كانت هناك محاولات للتلاعب بالقيم الإنسانية والحقوق الأساسية، مما زاد من التوتر والانقسام بشكل ملحوظ.
في النهاية، يبدو أن الأحداث الراهنة قد فتحت فصلاً جديدًا في تاريخ المنطقة، والتنبؤ بتفاصيل المستقبل بات أمرًا صعبًا، لكن يبدو أن هناك توجهًا للتغيير في السياسات والأنظمة المتبعة في العالم العربي والإسلامي حول كل ما سبق بشكل حتمي.