هذه كلمات جاءت في تهنئة عميقة وصادقة وأصيلة أصالة الأردن العظيم بقيادته الهاشمية المباركة من عطوفة الباشا حسين هزّاع المجالي بمناسة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية 2024 في مقالة نشرتها جريدة الرأي الغراء صباح الأحد 31/12/2023 مع نهاية العالم الميلادي الحالي، حيث يؤكد عطوفة الباشا بأنّ جذور مسيحيي المشرق العربي متينة وغائرة في أعماق التاريخ وتمتد جذورهم إلى بدء الخليقة، ولم يكونوا أبداً على هامش التاريخ بل انصهروا في مجتمعاتهم وانتموا إلى ثقافتها وحملوا ما انبثق عنها من عادات وتقاليد محلية وقيم إنسانية مستمدة من منبعنا الشرقي الأصيل.
وكنتيجة لوجودهم ومساهمتهم الثقافية والحضارية ودورهم التاريخي في الحفاظ على هذا المشرق العربي ونهضته ومشاركتهم في إذكاء الروح الوطنية والشعور القومي للدفاع عن مصالح الأمة العربية والوقوف ضد المطامع الإستعمارية، تم العمل عبر العصور والأزمان على إضعاف وجودهم واستهداف كنائسهم والسعي الدؤوب لتجريدهم من دورهم الحقيقي والعمل على إلغاء وجودهم وخصوصيتهم والعمل على تسهيل هجرتهم طوعاً أو قسرا لإضعاف المشرق العربي بتفتيت مكوناتِهِ مصدرَ قوتِّهِ ومنعتِهِ وأصالةِ رسالته السمحة التي تمثلت في رسالة السيد المسيح أو الرسالة المحمدية في المحبة والإخاء والوئام والخلاص والتحرر من الظلم وإشاعة العدل في الأرض.
لذلك يرى الباشا المجالي أن استهداف مسيحيي المشرق هو جزء من استهداف المشرق العربي بأكمله، وهذا يشكل مؤآمرة نكراء وجب التصدّي لها، وقد لمسنا آثارها بوضوح منذ الربيع العربي وتهجير مسيحيي العراق وسوريا وصولا لاستهداف مسيحيي غزة في مسلسل ممنهج لتهجير مسيحيي فلسطين، لمحو تراثٍ أصيلٍ وعريقٍ وتاريخٍ وحضارةٍ ساهمت في بناء بلادنا المقدسة من النيل إلى الفرات وشكلت حجر زاوية لتقدم البشرية ورقيها.
يبقى أهم ما تعززه هذه التهنئة هو التأكيد على أصالة المكون المسيحي العربي الذي لا يمكن لأي مسلم حقيقي أن ينكر هذه الحقيقة أو أن يتجاوزَها، فالعرب المسيحيون ليسوا مُلحقين أو تابعين أو غُرباء أو خارج دائرة الفعل والزمن والتأثير في المجتمع، بل على العكس تمّيزوا في مختلف مجالات الحياة وأبدعوا وساهموا في كافة محطات البناء الحضاري موضع التقدير والإمتنان، دون تخليهم عن عقيدتهم الأصيلة وتراثهم الروحي الثَري، ويبقى واجب الوقوف معهم وحماية وجودهم هو واجب وطني مقدس ووفاء عروبي أصيل، فقوة الأردن وقوة المشرق العربي تكمن في وحدتنا معاً وأخوَّتنا وشراكتنا في بناء الأوطان والحضارة.
ومن هنا نقدر أن نقدِّرَ الدورَ الأردني والكبير وجهود صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم الوصي الشرعي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس في الحفاظ على الوجود العربي المسيحي الأصيل كمكون أصيل من مكونات المشرق العربي والحفاظ على وجودهم كواجب مقدس وليس مِنَّة، والعمل على حماية ورعاية مقدساتهم المسيحية كما الإسلامية.
نقدر تهنتئكم عطوفة الباشا، رغم أنَّه، كما ذكرتم، لا يوجد أي حافز للإحتفال في أجواء الحرب الشعواء هذه على أهلنا في غزة، فكلماتُكم النابعة من قلب عربي أردني هاشمي شهمٍ هي موضع تقدير وإمتنان، وبعون الله سنبقى الشركاء القابضين على جمر عروبتنا وتمسُّكنا بثوابتنا الوطنية والقومية ومقدمين أرواحنا فدى الأردن وفلسطين وهويتنا العربية الأصيلة.