2025-01-31 - الجمعة
أمانة عمان تعيد تشغيل الخدمات الإلكترونية بعد التحديث والتطوير nayrouz مبادرة شبابية في عجلون إحتفالًا بعيد ميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني nayrouz قبيلة بني صخر تهنئ جلالة الملك عبدالله الثاني بعيد ميلاده الميمون nayrouz اجتماع وزاري لمتابعة ملف أراضي عشائر الجبور في منطقة القطنة nayrouz بيان صادر عن ابناء عشيرة العضيبات على امتداد رقعة هذا الوطن nayrouz هل تعلم أن القطط تحلم؟ اكتشف حقيقة ما يحدث أثناء نومها nayrouz محبة القائد في قلب كل أردني . nayrouz هل يسحب ترامب القوات الأمريكية من سوريا.. تعرف علي رد الرئيس الأمريكي nayrouz من أمام معبر رفح..آلاف المصريون يرفضون تصريحات ترامب بتهجير سكان غزة nayrouz حماس تعلن عن أسماء 3 إسرائيليين سيفرج عنهم غدا مقابل 90 فلسطينيا nayrouz محمد الضيف.. رجل الظل الذي أرهق إسرائيل لعقود.. ماذا تعرف عن قائد أركان القسام بعد إعلان استشهاده؟ nayrouz استشهاد صياد فلسطيني بقطاع غزة واستمرار العدوان الإسرائيلي على مخيم طولكرم لليوم الخامس nayrouz في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام.. "الدوسري": المعاصي تلتهم النعم كما تأكل النار الحطب nayrouz بيان صادر عن ابناء عشيرة العضيبات على امتداد رقعة هذا الوطن nayrouz إمام المسجد النبوي في خطبة الجمعة: من جعل الأولياء واسطة بينه وبين الله في الدعاء أضاع معنى العبوديَّة nayrouz المفرق: سيدة الإجماع والاجتماع،وأرض الفرص الواعدة nayrouz زين تحتفل بالذكرى 63 لميلاد جلالة الملك بمسيرة دراجات ضخمة (صور) nayrouz "الملكية الأردنية": سنستأنف الرحلات إلى مطار حلب قريبًا بعد دراسته فنيا وأمنيا nayrouz رئيس الوزراء ‎يدشِّن المرحلة الأولى من مشروع مرسى زايد بالعقبة (صور) nayrouz عاجل ..الحكومة تقرر رفع أسعار المحروقات لشهر شباط nayrouz
وفيات الأردن اليوم الجمعة 31 يناير 2025 nayrouz الدكتورة الصيدلانية مها عريفج في ذمة الله nayrouz حسن احمد ضامن الوريكات في ذمة الله nayrouz وفاة ثلاثة من أبناء الفليح إثر حادث حريق مؤلم nayrouz المختار حسين محمد الدهامشة "ابو محمد" في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن اليوم الخميس 30 يناير 2025 nayrouz والدة الفنان عمر السقار في ذمة الله nayrouz الحاجة خولة محمود إسماعيل وقاد في ذمة الله nayrouz اثر صعقة كهربائية وفاة شاب في اربد nayrouz وفيات الأردن اليوم الأربعاء 29-1-2025 nayrouz الشاب عمر سلامة ابو عجور الحجايا في ذمة الله nayrouz رحيل "فارس خشمان الحواتمة"... يملأ القلوب حزناً وألماً nayrouz الحاج عمر علي الحوري " ابو هايل " في ذمة الله nayrouz عشيرة الدعجة تودع اثنين من رجالاتها البارزين nayrouz العميد الركن أحمد السعودي يشارك في تشييع جثمان الشرطي عبد الله العتوم في سوف ...صور nayrouz وفاة العميد المتقاعد المهندس جميل العموش شقيق الرائد القاضي العسكري سلامه nayrouz رحيل مأساوي: وفاة الأستاذ حسن عماد العنزي إثر حادث سير أليم nayrouz رحيل الشاب جمعه الزيود في مقتبل العمر يوجع القلوب nayrouz وفاتان بحوادث دهس في العاصمة والزرقاء nayrouz الحاج محمود عبدالقادر أحمد أبو عواد "ابو عوض" في ذمة الله nayrouz

"سيناريوهات ما بعد طوفان الأقصى" محاضرة للدكتور عبدالحي في المنتدى العربي

{clean_title}
نيروز الإخبارية :

قدم الاستاذ الدكتور وليد عبد الحي في محاضرة عقدت امس الثلاثاء، بالمنتدى العربي بعنوان "سيناريوهات ما بعد طوفان الأقصى"، وقدم المحاضرة وادار الندوة جمال العلوي عضو مجلس ادارة المنتدى.

وقال الدكتور عبدالحي في مقدمة المحاضرة، إن الدراسات المستقبلية للظواهر السياسية بشكل خاص والاجتماعية والاقتصادية بشكل عام تشترط التمييز بين الحدث( Event ) وبين الاتجاه الفرعي(Sub-trend) وبين الاتجاه(Trend) وبين الاتجاه الأعظم(Mega-trend)، ، ثم هناك مسالتين لا بد من مراعاتهما في هذا السياق وهما أولا: نقاط التحول(Turning Points) اي الحدث الذي يفرض تغيرات تؤدي لتحول جذري في مسار الاتجاه الاعظم بشكل رئيسي ، وثانيا متغير البجعة السوداء(Black Swan) اي الحدث غير المتوقع والمفاجئ والذي يصيب مركز الظاهرة ويؤدي الى تداعيات عميقة، ويختلف متغير البجعة السوداء عن نقطة التحول في ان نقاط التحول يجري ادراجها في الاحتمالات ، اما البجعة السوداء فهي التغير الذي لم يكن في الحسبان من الاساس.(فمثلا تولي انور السادات الحكم في مصر كان نقطة تحول في السياسة المصرية، لكن مقتله كان بجعة سوداء).

واستنادا الى هذه المقدمة فان استشراف مآلات وتداعيات طوفان الاقصى المستقبلية يجب ان يتم من خلال ادراجها في الاتجاه الاعظم للصراع العربي الصهيوني ، وهو ما يستدعي مناقشة ثلاث خطوات هي:

أ‌- تحديد الهدف الاستراتيجي الاعلى لكل طرف من اطراف الصراع المركزية وهي( فلسطين، اسرائيل، الولايات المتحدة، دول الجوار العربي،بقية المجتمع الدولي).
ب‌- تحديد الاتجاه الأعظم للصراع.
ت‌- سيناريوهات الاتجاه الاعظم وتشمل:
1- الاستمرار في الاتجاه الاعظم
2- التحول الجزئي في الاتجاه الاعظم
3- تشكل تدريجي لاتجاه اعظم بديل.

التحليل:
أولا:
لكي نربط بين الخطوات الاجرائية للتحليل تباعا، لا بد من خطوة اولى هامة وهي تحديد الاهداف الاستراتيجية العليا لاطراف الصراع ، وهو ما يمكننا تلخيصه في الآتي:
1- فلسطين

الهدف الاستراتيجي :
انجاز الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والمتمثلة في بعدين هما الارض والسكان(مواطنين ولاجئين)

2- اسرائيل :
الهدف الاستراتيجي:
أ‌- الاحتفاظ بأكبر قدر من المساحة من اراضي الضفة الغربية والقدس باقل قدر ممكن من السكان الفلسطينيين.
ب‌- اجتثاث اي شكل من اشكال المقاومة المسلحة الفلسطينية او العربية المعادية لاسرائيل.
ت‌- العمل على منع اي تطور عربي قد يشكل تهديدا مستقبليا لاسرائيل.

3- الولايات المتحدة:
الهدف الاستراتيجي:
أ‌- انجاز تسوية تضمن لاسرائيل اكبر قدر من الضمانات الامنية
ب‌- توظيف المنطقة في إدارة صراعاتها الدولية.

4- دول الجوار العربي
أ‌- الأمن الداخلي :القبول بأية تسويات لا تؤثر على استقرار النظام السياسي في الدولة

5- المجتمع الدولي
أ‌- تحقيق تسوية سياسية تلجم الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية السلبية للنزاع العربي الاسرائيلي على الشؤون الدولية.

ثانيا:تحديد الاتجاه الاعظم للصراع العربي الصهيوني :
يشترط الاستشراف المستقبلي التخلص من ثغرتين في التحليل التقليدي، الأولى تحييد تام للتفكير الرغبي (Wishful thinking) من ناحية ، والتخلص من ناحية ثانية من عدم الاتساق المعرفي(Cognitive Dissonance ) القائم على سيطرة فكرة معينة على الفرد تجعله يحاول تطويع وتفسير اية افكار مناقضة لفكرته المسيطرة بتحايلات ذهنية تُشعره بالاتساق في منظومته المعرفية من ناحية والاتساق مع الافكار السائدة في السياق الاجتماعي من ناحية ثانية.
استنادا لما سبق ، يشير رصد المسار العام للصراع العربي الصهيوني من 1948 الى تبلور الاتجاه الاعظم عبر عدد من المراحل على النحو التالي:

المرحلة الاولى من 1948-1967 :
اتسمت هذه المرحلة بسيطرة المنظور الصفري للصراع (اي اعتبار اي مكسب لأحد الاطراف هو خسارة موازية للطرف الآخر، كما ان حجم المصالح المشتركة بين الطرفين تدور حول مستوى الصفر) ، ففي هذه الفترة كان الموقف العربي الرسمي والشعبي هو رفض وجود اسرائيل رفضا تاما، واعتبرت الحالة بين الطرفين هي "خطوط هدنة" ،اي انها لا تعني الا وقفا مؤقتا لاطلاق النار ولا تعد حدودا دولية طبقا للقانون الدولي ولا تعني انتهاء حالة الحرب بين الطرفين ، وهنا لا بد من التوقف عند توصيف الحالة التي كانت قائمة بين العرب واسرائيل ، فهناك اربعة مصطلحات سائدة يجب توضيح التباين بينها وهي:
1- الهدنة(Truce ):هي وقف مؤقت وقصير وغير رسمي للقتال ، وعادةً ما يتم ترتيبها محليًا مع السماح لكل جانب ببعض الوقت لإجلاء الضحايا من ساحة المعركة ، ولا تشير بالضرورة إلى أي استعداد لتسوية الصراع .
2- وقف الأعمال العدائية:( cessation of hostilities) وهو وقف أوسع نطاقا وأكثر رسمية من الهدنة، وهو يعني اتفاق جزئي" لتعليق إطلاق نار" ، وغالبا ما يكون بداية لعملية سلام أوسع ، لكنه مؤقت وغير ملزم ، وفي حالة تعدد اطراف الصراع قد ينطبق الوقف على بعض المعارضين فقط.
3- وقف اطلاق النار(cease-fire): اتفاق يتم التفاوض عليه لوقف الأعمال العدائية واتخاذ خطوات أخرى لتهدئة الأمور، مثل سحب الأسلحة الثقيلة أو تحديد "خط أخضر" أو منطقة منزوعة السلاح للفصل بين القوات المتعارضة ، وعادةً يكون الاتفاق ملزمًا، ويستمر لفترة من الوقت حتى لو وقعت بعض الانتهاكات، لكنه لا ينهي الصراع، بل يوقفه فقط.
4- الوقف الدائم والشامل للقتال(armistice): اتفاق رسمي لوقف جميع العمليات العسكرية في الصراع بشكل دائم ، فهو ينهي الحرب ويفتح المجال للتفاوض على معاهدة سلام والتصديق عليها مع الالتزام اثناء التفاوض بالتوقف عن محاولة تسوية خلافاتهما بالأدوات العسكرية.

وتابع الملاحظ ان المرحلة الاولى من الصراع 1948-1967 كانت تعني "هدنة" بالمعنى الذي اشرنا له في التعريف بكل مصطلح، فهو لا يعني الا الوقف المؤقت للعمل العسكري، ولا يتضمن التزاما بتسوية سلمية.

المرحلة الثانية من 1967-1973:
شكلت حرب حزيران 1967 نقطة تحول جذرية في الموقف العربي، وتمثل التحول في توجه أولي نحو المنظور غير الصفري للصراع والذي تمثل بقبول قرار 242، وهو ما يعني الاقرار بحق اسرائيل في الوجود ،واعتبار حدود الهدنة التي كانت في المرحلة الاولى حدودا دولية بين الطرفين مع استمرار اعتبار حدود 1967 حدودا غير مقبولة، لكن هذا التحول له دلالات عميقة في وضع الاسس للتعامل مع اسرائيل كجزء من البناء الاقليمي للمنطقة رغم اية خلافات معها حول اية قضية من القضايا، لأنه انطوى على الأخذ بمفهوم "وقف الاعمال العدائية " دون الزام.

المرحلة الثالثة من 1973-1977:
شكلت حرب اكتوبر 1973 مدخلا لتعميق المنظور غير الصفري بقبول قرار 338 (الذي يعزز القبول بقرار 242) مضافا له القبول باتفاقيات الفصل بين القوات في سيناء والجولان، وهنا بدأ يغيب مصطلح الهدنة ويتسع ليشمل وقف الاعمال العدائية ويقترب من الحالة التي يعبر عنها مصطلح " وقف اطلاق النار" والذي يشي في مضمونه بالاستعداد للدخول في نشاطات دبلوماسية قد تفضي لتسوية معينة، وتكرس هذا التوجه بزيارة السادات الى القدس والقاء خطاب سياسي في الكنيسيت الاسرائيلي، وهو ما يعني تحويل الصراع(Conflict )الى نزاع (Dispute)، ويعني الصراع خلافا يُدار بوسائل غير سلمية،بينما النزاع يمثل خلافا تجري تسويته بوسائل سلمية، وهو ما يؤسس للمرحلة القادمة من تعميق التحول والتبني للمنظور غير الصفري

المرحلة الرابعة: من 1979-1994:
في هذه المرحلة انتقل المنظور غير الصفري من المستوى النظري والقانوني الى مستوى الممارسة السياسية التطبيقية من خلال خطوتين هما:
أ‌- المعاهدة المصرية الاسرائيلية والتي اقرت فيها اكبر واهم دولة عربية بوجود قانوني وشرعي باسرائيل ،واصبح التعامل مع اسرائيل تعاملا لا يختلف عن التعامل مع اي دولة أخرى، واصبح هناك تعاون وتجارة مشتركة وسياحة وزيارات دبلوماسية لا تنقطع...الخ، وعليه استقر المنظور غير الصفري ليصبح هو قاعدة العلاقات العربية الاسرائيلية، وهو ما يعني الانتقال الى مرحلة المصطلح الرابع وهو الوقف الشامل والدائم للقتال.
ب‌- ادى انهيار الاتحاد السوفييتي ، وتبني مصر للمنظور غير الصفري بخروجها من جبهة الصراع مع اسرائيل، ثم الاضطراب الواسع في العراق وتحطيم قدراته العسكرية في سلسلة حروب مع ايران والولايات المتحدة الى انضمام الممثل الشرعي لفلسطين(م.ت.ف) الى المنظور غير الصفري عبر اتفاقية اوسلو عام 1993، وهو ما يعني ان المنظور غير الصفري اصبح اتجاها اعظم يضغط وبقوة على بقية الاطراف لتبنية، وهو ما تجسد في اللحاق الاردني السريع بقاطرة المنظور غير الصفري بمعاهدة وادي عربة 1994، اي بعد عام تقريبا على اتفاق اوسلو، وهو ما جعل الاتجاه الاعظم اكثر قوة واكثر ضغطا على الاطراف العربية الاخرى.

المرحلة الخامسة: 1994-2023:
شكلت المرحلة الرابعة قاعدة راسخة لتدفق الاتجاه الاعظم المتمثل في المنظور غير الصفري الى كافة التضاريس السياسية العربية، وشكلت المبادرة العربية التي طرحتها السعودية عام 2002 اكتمالا نظريا للقبول العربي بالمنظور الصفري ،إذْ تضمنت المبادرة العربية "الاعتراف والتطبيع العربي الكامل باسرائيل" مقابل دولة فلسطينية، وبدأ تطبيق الاعتراف واللقاءات السرية والعلنية والمنفردة والجماعية بالنظير الاسرائيلي دون قيام الدولة الفلسطينية ، الى ان بدأ توالي عمليات التطبيع مع اسرائيل عام 1999 باعتراف موريتانيا باسرائيل دبلوماسيا (وإن عادت وتراجعت عنه عام 2010) ثم تسارع التطبيع عام 2020 الى كل من الامارات والبحرين والسودان والمغرب، وهو ما يشير الى ان المنظور غير الصفري يكتسب زخما متواصلا.

ثغرات في الاتجاه الاعظم :
تشكلت خلال الفترة التي عرضناها اتجاهات فرعية بعضها تنامى الى حد الاتجاه المستقر، وبعضها توارى جزئيا، سواء في المستوى المحلي(فلسطيني/اسرائيلي) او اقليمي(شرق اوسطي/عربي) او دولي( الحراك القطبي صعودا وهبوطا)،ولكي لا نغرق في الاحداث والاتجاهات الفرعية العابرة ، نتوقف عند الاتجاهات التي تأبى التراجع وتقف في وجه الاتجاه الاعظم وهي:
أولا: انتقال إدارة الصراع مع اسرائيل من "الدول" الى "الحركات الشعبية المسلحة،فالى جوار الاتجاه الاعظم الذي عرضناه والذي يكشف حلقات الخروج المتتالي "للدول" من الصراع (مصر، منظمة التحرير، الاردن، دول اتفاق ابراهام..الخ) ظهر اتجاه معاكس يتمثل في بروز قوى شعبية تشبثت بخيار المقاومة المسلحة ، ففي الوقت الذي خرجت الدول تباعا من دائرة الصراع تبلورت قوى سياسية شعبية مسلحة ومتشبثة بخيار الكفاح المسلح ، فالى جانب حركات المقاومة الفلسطينية المسلحة الأولى في الفترة من 1965الى 1981( فتح والجبهة الشعبية والصاعقة...الخ)، ظهرت حركات مسلحة جديدة مثل الجهاد الاسلامي (1981)، ثم ظهر حزب الله في لبنان(1982) ثم حركة حماس(1987) ثم حركة انصار الله في اليمن (2004) الحشد الشعبي في العراق(2014) ، وتبنت هذه القوى مواصلة المواجهة ، وتلقى هذه الحركات مساندة من بعض الدول ، وتولت إدارة الصراع مع اسرائيل بشكل تدريجي ، وساهمت مجموعة عوامل في تنامي زخم هذه الحركات :
أ‌- قيام الثورة الايرانية 1979 وتبنيها موقفا معاكسا للتوجهات العربية الرسمية، ومساندتها لهذا الاتجاه ومن يمثله، وهو ما يعني شرخا في الاتجاه الاعظم غير الصفري.
ب‌- الحاضنة الشعبية الرافضة لأية علاقة او تطبيع او تقديم تنازلات في فلسطين، وهو امر تدل عليه استطلاعات الرأي العام العربي التي اجرتها هيئات غربية وعربية ، بل ان المعارضة للعلاقة مع اسرائيل تتزايد. ، وهو ما يعني ابقاء المستقبل مفتوحا امام احتمال التضييق على الاتجاه غير الصفري.
ت‌- الإرث الثقافي الديني ودوره في تشكيل صورة اليهود في الذهن العربي، وهو اتجاه يغذي وبقوة انصار الاتجاه الاعظم الصفري.
ث‌- الفشل التام في تحقيق تسوية سياسية بالوسائل السلمية واستمرار الاستيطان وتهديد المسجد الاقصى وكافة السياسات الاسرائيلية ذات التوجه السلبي، وهو ما يجعل الاتجاه غير الصفري يحمل بذور فنائه في ذاته.
ج‌- تزايد التيار الديني المتشدد في المؤسسة السياسية الاسرائيلية ، وهي ظاهرة تعزز كل المعطيات السابقة لصالح المنظور الصفري.
اما على المستوى الدولي ، فان عددا من العوامل عمقت ثغرات الاتجاه الاعظم الذي اشرنا له، واهم هذه العوامل هي:
أ‌- لقد سبق واشرنا في دراسة كمية الى وجود علاقة طردية خطية بين نسبة التأييد الدولي للحقوق الفلسطينية وبين استمرار تصاعد المقاومة مع اسرائيل، وتعززت هذه الفرضية بشكل قاطع مع طوفان الاقصى كما اوضحنا ذلك في دراسة اخرى. ، ويكفي ملاحظة ذلك في تزايد التأييد للموقف الفلسطيني في قرارات مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة خلال معركة طوفان الاقصى كما

ويتضح من الجدول التالي:
الهيئة الاممية تصويت 16 اكتوبر تصويت 18 اكتوبر تصويت 8 ديسمبر
مجلس الامن 5 12 13
تصويت 26 اكتوبر تصويت 12 ديسمبر -
الجمعية العامة 121 153 -

ب‌- رغم ضيق الشق في جدار العلاقة الإسرائيلية الأمريكية لاسباب عديدة ، إلا أن التراجع الامريكي في المكانة الدولية بدأ يأخذ دوره في بروز تعقيدات في شبكة العلاقات الامريكية الاسرائيلية، إذ يبدو ان التغير في المكانة الامريكية في النظام الدولي نحو الاسوأ ، يفرض على السياسة الخارجية الامريكية انماط تكيف ستطال العلاقة مع اسرائيل بمستوى أو آخر، وقد اشرنا في دراسة سابقة الى مؤشرات التراجع الامريكية والتراجع النسبي في المكانة الاستراتيجية للشرق الاوسط في اولويات السياسة الامريكية الامر الذي سينعكس على مدى اهمية الوظيفة الاسرائيلية في نطاق استراتيجية الولايات المتحدة ، مقابل تسارع واضح في مؤشرات القوة للقوى الدولية الصاعدة بخاصة الصين، وهو ما يشكل مكسبا استراتيجيا لقوى المقاومة على المدى المتوسط والبعيد، ناهيك عن التغير التدريجي في الرأي العام الأمريكي بعد طوفان الاقصى بخاصة بين الديمقراطيين وبين الشباب الامريكي مما قد يكون له اثار مستقبلية.
ت‌- مواجهة اسرائيل لخيارين احلاهما مر، فالمجتمع الدولي بما فيه الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي وروسيا والصين واغلب بقية دول العالم تؤيد مشروع حل الدولتين، وهو ما سيضع اسرائيل امام خيارين هما إما القبول بهذا الحل ،وهو ما ينطوي على مخاطرة كبيرة بصراع داخلي عميق بين القوى السياسية المختلفة داخل المجتمع الاسرائيلي الى جانب صراع مع مئات آلاف المستوطنين في الضفة الغربية ، او الذهاب الى الخيار الثاني وهو رفض الحل مما سيجعل اسرائيل في موقف دولي حرج للغاية قد يترتب عليه ضغوط دولية على غرار ما جرى مع جنوب افريقيا.

تداعيات طوفان الاقصى:
شكلت عملية طوفان الاقصى في قطاع غزة نقطة تحول استراتيجية فعلية لا افتراضية، وكرست العملية تزايد الاتجاه الفرعي في المسار التاريخي الفلسطيني والمتمثل في انتقال المواجهة من يد الجيوش الرسمية الى يد الحركات الشعبية المسلحة والمسنودة بتأييد شعبي عربي واسع ، كما كرست تغيرا ايجابيا في الرأي العام الدولي كان يسير بقدر من البطء ولكن الطوفان سارعه وغذاه ليصل الى مجتمعات الدول الاكثر عداء للحقوق الفلسطينية، ناهيك عن أن العملية فرضت على العقل الاسرائيلي إعادة النظر في أدبيات التفاؤل السياسي بمستقبل اسرائيل التي روج لها اليمين الصهيوني .

لكن تداعيات عملية الطوفان ستحمل معها للعامين القادمين مسارات متعددة وتنطوي على تداعيات لا بد من التنبه لها والتفكير في اعداد الخطط الاستراتيجية للتعامل معها:
المسار الاول: المسار الفلسطيني: ستواجه القادة والمجتمع الفلسطيني الهموم التالية للعامين القادمين:
أولا: إعادة تأهيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة:
لقد أدى العدوان الاسرائيلي الى التدمير الكلي او الجزئي لأكثر من ربع مليون مسكن او مركز تجاري او مؤسسة رسمية او خدمية شعبية او رسمية (المرافق الطبية من مستشفيات وصيدليات ،والمدارس والجامعات والمساجد) ومئات الكيلومترات من الطرق البرية ومساحات كبيرة من الاراضي الزراعية وتدمير مصادر المياه وتسرب شبكات الصرف الصحي ، الى جانب الخسائر البشرية التي جعلت مئات آلاف الاطفال والنساء والمعاقين جسديا او نفسيا دون معيل الى جانب توقف مؤسسات الانتاج بشكل شبه تام .
يترتب على ذلك ان الهم المباشر والضروري سيكون في إعادة الحياة الى قطاع غزة الى طبيعتها التي كانت سائدة على اقل تقدير قبل العدوان، وهو ما سيواجه قدرا من العراقيل على النحو التالي :
1- توفير الاموال والمواد لترميم ومعالجة كل ما ذكرناه، وطبقا لتقديرات أولية خلال الشهرين الأوليين للمعركة فان المبلغ المطلوب سيتجاوز الخمسين مليار دولار، ولا شك ان استمرار المعركة سيرفع المبلغ لرقم اعلى ، وللحصول على هذا المبلغ سيتطلب الامر مؤتمرات دولية لجمعه ، ولكن ذلك سيتطلب:
أ- قد تصل المساعدات المادية في وقت مبكر ،لكن الاموال ستأخذ وقتا قد يطول وقد يقصر طبقا لدرجة الاستجابة له المرتبط بمواقف الدول المانحة، ولعل نتائج المؤتمر الانساني الدولي الذي عقد في باريس في 9 نوفمبر 2023 ودور لجنة المتابعة له في 6 ديسمبر 2023 يشيران الى ان جمع مبالغ اعادة التأهيل لن تكون يسيرة بل يبدو انها ستكون موضع "ابتزاز للمقاومة ".
ب- أن الدول العربية الاكثر قدرة على تقديم المساعدات هي الاقل تناغما مع توجهات المقاومة الفلسطينية وهو ما سيدفعها الى وضع شروط سياسية (من خلف الستار ) لتقديم المساعدة مثل ان يتم تسليم الاموال الى جهة دولية او اقليمية او السلطة الفلسطينية ،واخضاع الصرف للرقابة لضمان عدم توظيف الاموال في مؤسسات المقاومة او لمساعدة عائلات المقاومين.
ت- أن الولايات المتحدة والدول الاوروبية واليابان ستفرض شروطا سياسية وإدارية على مساعدتها ، وستكون دالة تلك الشروط هو اضعاف المقاومة من كل الوجوه ،ووضعها اماما خيارات سياسية صعبة ودقيقة.
ث- ان المساعدات الصينية والروسية قد تكون دون شروط سياسية، لكنها –وبخاصة الروسية- ستكون متواضعة قياسا لحجم المبالغ المطلوبة،ونظرا للظروف الحالية في روسيا.
ج- قد تربط مصر بين مرور المساعدات والمواد المطلوبة لاعادة البناء والتأهيل الاجتماعي ان يكون لشركاتها نصيب وافر في مشروعات اعادة التأهيل بخاصة المؤسسات التابعة للجيش المصري(على غرار ما جرى بعد العدوان الاسرائيلي في عام 2021)
ح- ستواجه حركة المقاومة تنازعا في الاختصاص بينها وبين السلطة الفلسطينية بخاصة في مجال تلقي أموال المساعدات وكيفية توزيعها وأولويات الصرف منها.
2- تحديد الموقف السياسي من المبادرات والقرارات الدولية التي ستعقب وقف اطلاق النار بخاصة مفاوضات الاسرى والرهائن التي قد تطول أو تقصر طبقا لمعطيات ميدان المعركة ، وقد تواجه المقاومة ضغوطا وإغراءات في معالجة هذا الملف، وستحاول اسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول العربية الضغط على المقاومة للتنازل عن فكرة " تبييض" السجون من المعتقلين الفلسطينيين،وسيتم ربط بعض هذه الجوانب بالمساعدات من باب الغواية.
المسار الثاني: الموقف الاقليمي: وينقسم الموقف الاقليمي الى بعدين :
أ‌- الموقف العربي : ويتمثل في جوهره في بعدين هما الموقف المصري وموقف محور المقاومة، ولا يبدو ان الموقف المصري سيطاله اي تغير جوهري، بينما قد يخبو دور محور المقاومة او يبقى على حاله طبقا للنتائج الميدانية في قطاع غزة.
ب‌- دور ايران وتركيا : استنادا للواقع الميداني فان اي من البلدين سيعمل على بقاء موقفه ، وهو التأييد العلني للحقوق الفلسطينية مع فارق اساسي هو استمرار الدعم الايراني للمقاومة دون الدخول المباشر في اية مواجهة لاحقة الا إذا وقع تطور كبير يصيب ايران ذاتها، اما تركيا فسياق سياستها لن يتجاوز حدود النقد العلني للسياسة الاسرائيلية مع بقاء علاقاتها التجارية والسياسية معها دون تغيير عملي.

المسار الثالث: المسار الدولي: ويمكن تحديد الاتجاه المحتمل في الآتي:
أ‌- عززت عملية طوفان الاقصى من القناعة بين القوى الكبرى بخاصة الولايات المتحدة بضرورة ايجاد تسوية سلمية، ولعل حل الدولتين هو الحل الذي تؤيده أغلب دول العالم ،وهو ما سيضع اسرائيل في موقف حرج وأمام خياران :
1- القبول بحل الدولتين (وقد تعمل على تكييفه بشكل يخدم أمنها) مع احتمال ان يفجر هذا القبول صراعا بين القوى السياسية في داخل اسرائيل ،وقد يصل الى قدر من العنف.
2- رفض حل الدولتين وهو ما سيزيد من تقلص مساحة التأييد الشعبي والدولي لاسرائيل ، وسيضع الدول العربية التي تطبع مع اسرائيل في موقف اكثر حرجا ،وبالتالي ستزداد ظاهرة انتقال إدارة الصراع من يد الدول الى يد الحركات العربية المسلحة.

وختم الدكتور عبدالحي قائلا، ان بناء مصفوفة من التاثيرات المتبادلة (Cross Impact Martix) بين المستويات الثلاثة وتداعياتها يعطي مؤشرا أوليا على استمرار الصراع ، لكن النتائج المباشرة لمعركة طوفان الاقصى تؤسس خلال العامين القادمين لما بعدهما ، اي ان نتائج المعركة العسكرية والإدارة العقلانية من طرف المقاومة للصراع للمرحلة المباشرة بعد وقف القتال سيبقى هو الطاغي في العامين القادمين ، فلكي يعود القطاع الى حياته الطبيعية على اقل تقدير فان الامر قد يستغرق أكثر من العامين القادمين .