في تحقق الولايات المتحدة الأميركية في غارات عدة جوية إسرائيلية على قطاع غزة أدت إلى استشهاد المئات من المدنيين، إضافة للتحقيق باستخدام إسرائيل المحتمل للفوسفور الأبيض في لبنان، حسبما أفاد مسؤولون أميركيون لصحيفة وول ستريت جورنال.
ويأتي التحقيق كجزء مما تقوم به وزارة الخارجية الأميركية لتحديد ما إذا كان حليفة واشنطن الأقرب قد ساء استخدام قنابله وصواريخه لاستهداف المدنيين.
وبحسب وول ستريت فإن إحدى الهجمات التي تحقق فيها وزارة الخارجية الأميركية حاليًا هي غارة جوية نفذت في 31 أكتوبر على مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين المكتظ بالسكان بالقرب من مدينة غزة، مما أدى لاستشهاد أكثر من 125 شخصًا، حسبما قال المسؤولون الأميركيون.
ويشتبه المحققون في ملف الأسلحة بأن إسرائيل استخدمت قنبلة تزن نحو 900 كغم في الضربة، والتي قد تكون قدمتها الولايات المتحدة.
مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أكد أن الضربة الإسرائيلية أسفرت عن استشهاد عدد كبير من المدنيين وقد تشكل جريمة حرب.
رفض المسؤولون الإسرائيليون التعليق على نوع السلاح الذي استخدموه، لكنهم ادعوا إنهم حاولوا تقليل الخسائر في صفوف المدنيين في الهجوم الذي وقع في 31 أكتوبر من خلال استخدام صاعق مؤخر يسمح له بالانفجار تحت الأرض.
وتركت الحملة العسكرية الضخمة التي شنتها إسرائيل في غزة الرئيس بايدن في موقف سياسي صعب في الداخل، قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية، حيث أدى دعمه القوي لإسرائيل إلى رد فعل عكسي بين بعض الناخبين التقدميين في الولايات المتأرجحة الرئيسية الذين يستنكرون استهداف المدنيين.
يعتمد الحزبان الرئيسيان الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة على العديد من الولايات للفوز في الانتخابات الرئاسية، لكن هناك عددا من الولايات لا يمكن التنبؤ بهوية الفائز فيها، إذ تتعادل فرص المرشحين.
وهذه "الولايات المتأرجحة" فيها سكان منقسمون سياسيًا على نحو متقارب. فقد تأرجحت بين المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين في السنوات الأخيرة. إنها أرض المعركة التي يستهدفها المرشحون بإقامة الحملات ونشر الإعلانات وتوظيف المساعدين.
وبحسب وول ستريت قد يؤدي تخفيف التسليح لإسرائيل لمزيد من النقد والقول إن بايدن تخلى عن إسرائيل في أشد أوقات الحاجة إليه.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة ترك القصف الإسرائيلي في قطاع غزة أكثر من 28 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا للسلطات الصحية الفلسطينية في قطاع غزة.
ورفض جيش الاحتلال الإسرائيلي التعليق على التحقيقات الأميركية.
ويجري المسؤولون التحقيقات كجزء من عملية جديدة في وزارة الخارجية الأميركية، تم إنشاؤها الخريف الماضي قبل بدء حرب غزة، والتي تهدف إلى منح الولايات المتحدة المزيد من الأدوات لتقييد المساعدات العسكرية للدول إذا ما أسيء استخدام الأسلحة الأميركية.
وخلص المحققون إلى أن إسرائيل أساءت استخدام الأسلحة الأميركية، وقد يوصون بقطع المساعدات العسكرية، أو اقتراح قيود على استخدامها، أو اقتراح إرشادات جديدة.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تراجع تقارير تفيد بأن إسرائيل ألحقت أذى بالمدنيين في حربها في غزة معتمدة في ذلك على مجموعة خطوط إرشادية تستهدف ضمان التزام الدول التي تحصل على أسلحة أميركية بالقانون الإنساني الدولي في عملياتها العسكرية.
وقال ميلر في مؤتمر صحفي "نسعى لإجراء تقييم واف للتقارير عن تضرر المدنيين على أيدي المتلقين المصرح لهم بالحصول على المعدات الدفاعية المقدمة من الولايات المتحدة في أنحاء العالم".
وأضاف ميلر أن عملية جارية بموجب دليل الاستجابة لحوادث الإضرار بالمدنيين الصادر عن وزارة الخارجية لتقييم وقائع في الصراع الحالي.
ووفق الصحيفة الأميركية فإنه بالإضافة إلى الضربة على مخيم جباليا، يحقق مسؤولون أميركيون في استخدام إسرائيل المحتمل للفوسفور الأبيض، وهو مركب شديد الاشتعال محظور في ظروف معينة، خلال هجمات في لبنان في منتصف أكتوبر، وفقًا لمسؤول أمريكي.
ويمكن استخدام السلاح الحارق الذي يخلق أعمدة من الدخان بشكل قانوني في الحرب، مثل إنشاء ستار دخاني، لكن استخدامه مقيد ويمكن أن يشكل جريمة حرب إذا أطلق على المدنيين.
أبلغت وكالة الأنباء الرسمية في لبنان عن عدة هجمات باستخدام الفوسفور الأبيض في جنوب لبنان في أكتوبر.
وقال وزير البيئة اللبناني، ناصر ياسين، إن وزارته قامت بتحليل عينات من التربة جُمعت في جنوب لبنان وكشفت في بعض الحالات عن مستويات من الفوسفور الأبيض تتجاوز بكثير القواعد المحددة من قبل وكالة حماية البيئة الأميركية.
ولفت استخدام الفوسفور الأبيض انتباه المسؤولين الأميركيين لأن الحكومة الأميركية حذرت إسرائيل في الماضي من سوء استخدام هذه المادة، حسبما ذكر جوش بول، مسؤول سابق في وزارة الخارجية ترك منصبه في أكتوبر.
"لقد كنا واضحين مع إسرائيل في الماضي بشأن كيفية استخدامهم وعدم استخدامهم للفوسفور الأبيض"، قال بول. "هذه نقطة واضحة لأننا قلناها من قبل".
ورفض جيش الاحتلال الإسرائيلي التعليق على ما إذا كان سيتعاون أم لا مع التحقيق الأمريكي.
الرئيس السابق للتخطيط الاستراتيجي في جيش الاحتلال الإسرائيلي أساف أوريون ، قال إن إسرائيل يجب أن تتعاون مع التحقيق نظرًا لأهمية العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
المستشارة السابقة لحقوق الإنسان في هيئة الأركان المشتركة بالبنتاغون سارة ياجر، والتي تعمل الآن كمديرة في واشنطن لمنظمة هيومن رايتس ووتش، وصفت التحقيقات الجارية بأنها خطوة مطلوبة من الولايات المتحدة، لكنها عبرت عن شكوكها بشأن الأثر المحتمل.