بدأت تتكشف ملفات فساد عديدة متعلقة بالأموال التي تغدقها واشنطن على كييف وكيفية إنفاقها، ما أرغم السلطات الأميركية على إجراء تحقيقات أمام الرأي العام الأميركي.
وكالة بلومبيرغ الأميركية كشفت مؤخراً أن وزارة الدفاع (البنتاغون) اضطرت إلى تكليف المفتش العام في الوزارة روبرت ستورتش بفتح أكثر من خمسين قضية على عدة مستويات تتعلق بالأموال المقدمة إلى أوكرانيا، من بينها اتهامات بالاحتيال في المشتريات واستبدال المنتجات والسرقة والاحتيال أو الفساد وسوء الاستخدام حسب ستورتش الذي ألمح أيضاً إلى "احتمال إجراء المزيد من التحقيقات في إساءة استخدام المعدات الأميركية نظراً لكمية وسرعة تدفق المعدات إلى أوكرانيا”.
وحسب الوكالة، فإن البنتاغون يقود إلى جانب وزارة الخارجية والوكالة الأميركية الدولية عملية لمراقبة ما يقرب من 113 مليار دولار من المساعدات والأموال المخصصة لأوكرانيا، والتي لم يتم إنفاقها كلها كجزء من التحالف الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة في محاولة لاستهداف روسيا، وقد تم تنفيذ عملية مماثلة من قبل في حربي واشنطن في العراق وأفغانستان.
وكشف المحققون حتى الآن عن ضغوط وفجوات في تقديم المساعدة، فعلى سبيل المثال كشفت عمليات المراجعة عن بيانات غير كاملة للشُحنات المنقولة إلى أوكرانيا عبر بولندا.
وكان العديد من الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي انتقدوا إغداق واشنطن المليارات على كييف، وطالبوا بمراقبة أعمق لكيفية إنفاقها قائلين إنها قد تنتهي إلى جيوب مسؤولين أوكرانيين فاسدين أو في أيدي إرهابيين، مضيفين: إن الـ 113 مليار دولار التي خصصت لأوكرانيا عام 2022 تقارب الـ 146 مليار دولار التي أنفقتها واشنطن على حربها في أفغانستان على مدى نحو عشرين عاماً.
وقال جون سوبكو المفتش العام الخاص بأفغانستان: "عندما تنفق الكثير من الأموال بسرعة كبيرة دون وجود مراقبة وإشراف وثيقين سيكون هناك بالتأكيد عمليات احتيال وإساءة استخدام.
ومارس البيت الأبيض في كانون الأول الماضي ضغوطا كبيرة على الكونغرس الأميركي لتمويل المساعدات لكييف، وقالت مديرة الميزانية في البيت الأبيض شالاندا يونغ في رسالة للكونغرس مبررة هذه الضغوط: "لقد نفذت الأموال منا لدعم أوكرانيا في هذه الحرب”، معتبرة أن هذه القضية يجب ألا تؤجل، وأنه لا بد من مواصلة الدعم لأوكرانيا في مواجهة روسيا.
ومنذ ذلك الوقت، أعلنت الولايات المتحدة عن ثلاث حزم مساعدات جديدة بقيمة 475 مليون دولار، وهو ما يبدو متناقضاً مع كلام يونغ عن العجز المالي، لكن ذلك يرجع إلى البرامج المعقدة المستخدمة لإرسال المساعدات إلى أوكرانيا، فهناك فرعان للمساعدة بالمال والأسلحة تم إعدادهما خصيصاً للحرب الأميركية بالوكالة في هذا البلد، أحدهما (سلطة السحب الرئاسية) والتي تقدم بموجبها واشنطن لأوكرانيا الأسلحة الموجودة بالفعل في مخزونها، والآخر (مبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا) والتي تمول عقود الأسلحة طويلة الأجل.
وفي أوكرانيا، أعلن المكتب الوطني لمكافحة الفساد في وقت سابق من الشهر الجاري عن اكتشاف مخطط لشراء منتجات لوزارة الدفاع الأوكرانية بأسعار مضخمة بشكل ملفت، ومصادرة أكثر من 20 صندوقاً من الوثائق كجزء من التحقيقات الجنائية المتعلقة بشراء خدمات الطعام، فيما أكد محققون من مكافحة الفساد وجود مخطط فساد يسمح بتضخيم الأسعار بشكل كبير لفئات معينة من المنتجات.
وحسب المكتب، فإن أشخاصاً محددين "حصلوا على أرباح فائضة واستغلوا تعاملهم مع الجيش، حيث يسمح هذا المخطط للموردين بإساءة استخدام تحديد الأسعار لمجموعات معينة من السلع”، فيما أقرت رئيسة إدارة التدقيق التابعة للحكومة الأوكرانية آلا باسالايفا أن عدداً من المسؤولين الأوكرانيين اعتبروا الحرب فرصة للإثراء الشخصي.
ومع ذلك، فقد استبعد محللون أن تؤثر هذه القضايا على المساعدات المالية والعسكرية السخية التي تغدقها واشنطن وعواصم الغرب الحليفة على كييف.