قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن المستعمرات الفرنسية السابقة في القارة السمراء تعد أرضاً خصبة للانقلابات العسكرية.
وأوضحت الصحيفة أن الديموقراطية تتأرجح في البلدان الأفريقية، التي كانت تحكمها فرنسا ذات يوم، وأن موجة الانقلابات العسكرية وتشبث الرؤساء بالسلطة هما وجهان لنفس العملة المناهضة للديمقراطية، التي تعاني منها أفريقيا الناطقة بالفرنسية بفعل إرث فرنسا، الذي لا يزال حاضرًا للغاية.
وأشارت إلى أنه في السنغال، حاول الرئيس إلغاء الانتخابات، بينما أطاح انقلاب عسكري برئيس منتخب في النيجر، لا يزال بعد ثمانية أشهر مسجوناً في القصر الرئاسي. أما في تشاد، فقد قُتل سياسي معارض بارز في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن.
وبينت أنه تم تمهيد الأرض للانقلابات العسكرية؛ إذ إن ثمانية من الانقلابات التسعة الناجحة في أفريقيا منذُ عام 2020 كانت في المستعمرات الفرنسية السابقة، والاستثناء الوحيد هو السودان، المستعمرة البريطانية السابقة.
واستشهدت الصحيفة بما كتبه ندونغو سامبا سيلا، المؤلف المشارك لكتاب جديد عن فرنسا ومستعمراتها الأفريقية السابقة، عندما قال إن المستعمرات الفرنسية السابقة كانت "أبطال الانقلابات"، وكذلك أبطال التظاهر الأجوف بـ"النظام الدستوري" والديمقراطية.
ونقلت الصحيفة عن خبراء رؤيتهم بأن الديمقراطية تواجه مشكلة في المستعمرات الفرنسية السابقة في أفريقيا، وأن الطريقتين اللتين يتم من خلالهما تخريب النظام، من قبل المسؤولين المنتخبين المكلفين بدعمه، أو من قبل مدبري الانقلاب الذين يطيحون بالحكومات، هما تجسيدان لنفس الشعور بالضيق.
وحصلت نصف المستعمرات الفرنسية السابقة العشرين في القارة على أسوأ تصنيف في المجموعة: "غير حرة"، وسجلت جميعها درجات أقل على مقياس الحرية الخاص بمؤسسة "فريدوم هاوس"، في عام 2023، مقارنة بعام 2019.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بالتوازي مع ذلك عاد الحكم العسكري، على الرغم من أن قادة المجلس العسكري غالبًا ما يتحدثون لغة الديمقراطية، ويطلقون على أنفسهم اسم "الحكومات الانتقالية"، ويعدون بإجراء انتخابات وتعيين وزراء مدنيين.
وبينت أنه في حين أن التراجع الديمقراطي لا يقتصر على المستعمرات الفرنسية السابقة في أفريقيا فقط، إلا أن القاسم المشترك بين المستعمرات الفرنسية السابقة هو الأنظمة السياسية، التي تتأثر بشدة بالنظام الفرنسي الذي يتمتع بسلطات رئاسية قوية للغاية، والتي تكافح مؤسساتها من أجل السيطرة عليها، كما يقول جيل أولاكونلي يابي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز أبحاث مواطن غرب إفريقيا.
وخلُص تقرير الصحيفة بالقول، إن تراجع النفوذ الفرنسي في القارة السمراء غير حقيقي؛ لأنه لا يزال يُحرك خيوط اللعبة ويُحرك السياسة في جميع أنحاء أفريقيا الناطقة بالفرنسية.