غيّرت 10 أيام من التساقطات المطرية الغزيرة وغير المسبوقة على السعودية، مخزون المملكة من المياه العذبة، التي تجمعت خلف العديد من السدود، بينما تستعد البلاد لتسجل رقمًا قياسيًا عند مليار متر مكعب.
واحتفى مواطنو المملكة التي تفتقد لموارد مائية جوفية وفيرة، وتعتمد على تحلية مياه البحر، بالأمطار الغزيرة، بينما كشفت الإحصائيات الرسمية عن تسجيل أرقام غير مسبوقة تبعتها دعوات لترشيد الاستهلاك لاحتضان مخزون إستراتيجي من المياه.
وشهدت المملكة، لاسيما مناطقها الغربية والجنوبية، وجزءًا من الوسط، هطولات غزيرة، منذ شهر مارس/آذار الماضي، جرت معها المياه في الوديان الكثيرة، قبل أن تتجمع خلف السدود التي ارتفع مخزونها إلى 829 مليون متر مكعب حتى 5 أبريل/نيسان الجاري.
الأعلى منذ 14 عامًا
وتقول وزارة البيئة والمياه والزراعة في السعودية، إن المياه التي تجمعت خلف السدود التي قارب عددها نحو 600 سد، هي الأعلى منذ 14 عامًا، حيث أسهمت أمطار الأيام العشرة، بين 27 مارس/آذار و 5 أبريل/نيسان، في تحقيق ذلك الرقم القياسي.
وأبلغ مدير الإدارة العامة لمصادر المياه، أحمد الغامدي، قناة "الإخبارية" الرسمية، يوم أمس الجمعة، أن المملكة تتوقع أن يصل مخزون المياه خلف سدودها إلى مليار متر مكعب في غضون أعوام.
وقال الغامدي إن المملكة تستعد لتشغيل 45 سدًا جديدًا، بينما تعمل على إنشاء سدود كبيرة أخرى، ما يزيد من قدرة الرياض على تخزين كميات أكبر من المياه، قد تساعد المملكة على توسيع خططها الزراعية الطموحة، وتقليل حجم اعتمادها على مياه البحر المحلاة.
ويعوّل خبراء الاقتصاد والمياه في السعودية على تلك التغيرات في خريطة المياه.
ترشيد الاستهلاك
وحث الاقتصادي السعودي وعضو مجلس الشورى، محمد آل عباس، المواطنين على مقابلة تلك التغيرات المدفوعة بتغير المناخ العالمي، بترشيد استهلاك المياه.
وقال آل عباس، في مقال نُشر، اليوم السبت، في صحيفة "الاقتصادية" المحلية، إن "هذه الأخبار المفرحة لم تأخذ حقها من التغطية الإعلامية، ولا من النقاش المجتمعي، ولا في المقالات ذات الصلة، وأعتقد أن هذا في غاية الأهمية، فلا شك أن تحسّن الحالة المطرية في السعودية، وارتفاع كمية الأمطار عن المعدل الذي رصد خلال 40 عامًا، يقدم أدلة على تغيرات مناخية قد تكون مستمرة بإذن الله".
ووفق الأرقام، فإن الوصول لمخزون مليار متر مكعب (1000 مليون متر مكعب)، يغطي نحو 20% من حاجة البلاد للمياه العذبة التي تقدر بـ5178 مليون متر مكعب، لكن من شأن خفض الاستهلاك المحلي المرتفع، وزيادة عدد السدود مع تزايد الهطولات المطرية، أن يسهم في زيادة المخزون.
وتقود توقعات التغير المناخي عالميًا، لتحول مناطق جنوب السعودية إلى المناخ الاستوائي الذي يتسم بغزارة الأمطار، ما قد يجعل منها خزانًا طبيعيًا للمياه العذبة في بلد يمتلك أكبر احتياطي عالمي من النفط، الذي يتركز في مناطقه الشرقية.
كما سيقلل المخزون المائي الطبيعي، من تحلية مياه البحر عبر محطات تحلية تعمل بالكهرباء التي تولدها عنفات تعمل بمشتقات النفط، الأمر الذي سيوفر كميات من الخام ستزيد من صادرات البلاد النفطية.