من المتوقع أن يحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الصين من أن الولايات المتحدة ستتخذ خطوات عقابية ما لم تتوقف عن إرسال التكنولوجيا المتعلقة بالأسلحة إلى روسيا، حيث تدرس واشنطن فرض عقوبات على المؤسسات المالية الصينية.
خلال زيارة للصين هذا الأسبوع، سيخبر بلينكن نظراءه أن صبر الولايات المتحدة وحلفائها بدأ ينفد بشكل متزايد مع رفض بكين التوقف عن تزويد موسكو بكل شيء من الرقائق إلى محركات صواريخ كروز للمساعدة في إعادة بناء قاعدتها الصناعية.
ولا يخطط بلينكن للكشف عن الإجراءات التي ستتخذها الولايات المتحدة، لكن عديداً من الأشخاص المطلعين على الوضع قالوا إنها تدرس فرض عقوبات على المؤسسات المالية الصينية والكيانات الأخرى، بحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
وقال أحد المصادر إن رسالته ستكون أوضح تحذير حتى الآن سلمته الولايات المتحدة شخصياً إلى المسؤولين الصينيين.
كثفت الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة تحذيراتها بشأن الوضع، بما في ذلك في اجتماعات مع الحلفاء الأوروبيين ومجموعة السبع.ومن المقرر أن يزور بلينكين الصين في الفترة من 24 إلى 26 أبريل ويعقد اجتماعات في شانغهاي وبكين.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن بلينكن، في ثاني زيارة له إلى الصين خلال أقل من عام، يتوجه إلى شنغهاي وبكين بدءا من الأربعاء لاجتماعات تستغرق ثلاثة أيام مع كبار المسؤولين الصينيين وبينهم وزير الخارجية وانغ يي.
ويتوقع أن تعقد محادثات بين بلينكن والرئيس الصيني شي جين بينغ أيضا، بالرغم من عدم تأكيد الطرفين لمثل هذا الاجتماع إلا قبل حدوثه بفترة قصيرة.
وبحسب تقرير الصحيفة البريطانية، فإن:
الصين أصبحت تشعر بقلق متزايد بشأن احتمال فرض عقوبات على بنوكها.
أصدر الرئيس جو بايدن أمرا تنفيذيا في ديسمبر يحذر فيه المؤسسات المالية الأجنبية من أنها "تخاطر بفقدان الوصول إلى النظام المالي الأميركي إذا قامت بتسهيل معاملات كبيرة تتعلق بالقاعدة الصناعية العسكرية الروسية".
أبرز القضايا
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي المتخصص في الشؤون الصينية، جعفر الحيسناوي، إن هنالك مجموعة من الملفات المزمع طرحها عند زيارة أنتوني بلينكن للصين، أهمها:
تخفيف حدة التسابق التجاري بين البلدين، بالإضافة لتقليل حدة التوتر الناتج عن هذا التسابق في السيطرة على خطوط النقل التجاري واستحداث خطوط النقل الجديدة.
مناقشة ملف الدعم الصيني لروسيا في حربها ضد أوكرانيا .
تسعى الولايات المتحدة الأميركية لتوقف الصين عن دعمها لروسيا في إعادة قاعدتها الصناعية، وبشكل خاص صناعة الرقائق الداخلة في صناعة صواريخ كروز التي كانت تحصل عليها من أسواق أوروبا التي فقدتها روسيا نتيجة لدعم الدول الأوربية لأوكرانيا.
تسعى الولايات المتحدة إلى إقناع بكين بتخفيف الضغط والاستفزاز الصيني على حلفاء الولايات المتحدة الأميركية في بحر الصين الجنوبي.
الحد من الدعم الصيني لإيران وتطبيق العقوبات المفروضة عليها لأن الصين لم تلتزم بهذه العقوبات.
وقف الدعم التكنولوجي الصيني لإيران، وما نتج عنه من إنتاج صواريخ بالستية حديثة والطائرات المسيرة التي لها القدرة على ضرب إسرائيل، وتشتيت قدرة القبة الحديدية في التصدي للأهداف الخارجية.
وبالعودة لتقرير الصحيفة البريطانية، فقد نقل عن المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية لشؤون الصين والذي يعمل الآن بجامعة جورج تاون، دينيس وايلدر، قوله: "كانت الصين تشعر بالقلق لبعض الوقت من أن الولايات المتحدة قد تزيد العقوبات على الصين، خاصة في المجال المصرفي، بسبب دعمها لروسيا خلال الحرب".
توقف أربعة من كبار المقرضين الصينيين بشكل انتقائي عن قبول المدفوعات من روسيا الشهر الماضي، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الروسية، خاصة فيما يتعلق بالمعاملات الخاصة بالمكونات الإلكترونية المهمة.
وأثارت وزيرة الخزانة جانيت يلين هذه القضية خلال زيارة للصين هذا الشهر، لكن بلينكن يعتزم الضغط على هذه المسألة بعبارات أقوى. وعبر بايدن عن قلقه للرئيس الصيني شي جين بينغ عندما تحدث الزعماء عبر الهاتف قبل ثلاثة أسابيع.
وبينما تأمل الولايات المتحدة أن يؤدي التهديد باتخاذ إجراءات عقابية إلى إقناع الصين بتغيير مسارها، فإنها تحث أيضاً الدول الأوروبية على اتخاذ الإجراءات اللازمة.
تعتقد الولايات المتحدة أن الضغط الأوروبي أمر بالغ الأهمية لأن الصين تشعر بالقلق من تأثير ذلك على علاقاتها الاقتصادية مع أوروبا مع تباطؤ اقتصادها.
وقال أحد الأشخاص المطلعين على المداولات إن أوروبا فرضت عقوبات على ثلاث مجموعات صينية فقط منذ بدء الحرب في أوكرانيا قبل عامين، مقارنة بـ 100 إجراء من هذا القبيل ضد كيانات صينية من قبل واشنطن.
حركة التجارة بين الولايات المتحدة والصين
يعتقد رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث، الخبير في الشؤون الآسيوية، عماد الأزرق، بأنه خلال الزيارة سوف تتم مناقشة عدد كبير من الملفات الاقتصادية والسياسية والأمنية، من أبرزها:
ضمان نفاذ الصادرات الأميركية للسوق الصينية والحصول على حصة أكبر.
ضخ المزيد من الاستثمارات الصينية في السوق الأميركية، وضمان عدم فرض رسوم تجارية جديدة، والتي من شأنها تقييد حركة الصادرات الصينية للولايات المتحدة حتى لا يدخل الطرفان في حرب تجارية جديدة.
مناقشة انعكاس الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط، خاصة مع تأثيرها على حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر وقناة السويس.
التعاون متعدد الأطراف، وذلك فيما يتعلق بالتكتلات التي تعقدها الولايات المتحدة الأميركية في آسيا والمحيط الهادي بهدف محاصرة الاقتصاد الصيني.
ويشير الأزرق في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن الاقتصادين الصيني والأميركي من أكثر الاقتصادات ترابطًا، وهما الأكبر على مستوى العالم، كما أنهما من أكثر الاقتصادات المتضررة نتيجة الأوضاع الراهنة، في ضوء تضرر الاقتصاد العالمي من الاضطرابات الأمنية الأخيرة بين كثير من بلدان العالم.
كما يتصور أن يكون هناك نوع من القبول لمثل هذه النقاط من الجانبين، لا سيما أنهما يسعيان لإنهاء هذه الخلافات حتى لا تتأثر الأوضاع الاقتصادية بالخلافات السياسية.
من بين الخلافات بين الدولتين المتنافستين على أصعدة مختلفة، حرب روسيا في أوكرانيا، وتايوان، وبحر الصين الجنوبي، وكوريا الشمالية، وهونغ كونغ، وحقوق الإنسان. كما تتناحران أيضا حول التجارة وقضايا مشتركة، فيما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن رسوما جديدة على واردات الصلب الصيني الأسبوع الماضي.
زيارات متعددة
إلى ذلك، يؤكد نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن زيارة بلينكن تأتي في أعقاب زيارة وزيرة الخزانة الأميركية لبكين، ونتج عن هذه الزيارة ردود فعل كبيرة من قبل مسؤولين في الصين.
ويضيف: "تأتي الزيارة من أجل الحفاظ على استقرار العلاقات بالشكل الذي يحقق المصالح الاقتصادية للدولتين، فيما يتعلق باختلاف بعض الجوانب الاقتصادية بينهما"، موضحاً أن الجانبين سيطرحان المزيد من القضايا والتي تهم الولايات المتحدة من الدرجة الأولى وتتمثل في:
مناقشة الوضع في روسيا لاسيما في ضوء إدعاء الولايات المتحدة بين الحين والآخر بدعم الصين عسكرياً للاتحاد الروسي (..).
تحظى الأوضاع والاضطرابات في الشرق الأوسط باهتمام الدولتين خلال اللقاء، خاصة وأنه أمر مرتبط بنشاط بعض أذرع إيران في المنطقة (..) وبما يؤثر على حركة التجارة.
مناقشة العلاقات الصينية الإيرانية، والتأكيد على أهمية تأثير بكين على إيران بحكم العلاقات الوثيقة التي تربط الدولتين، بحيث لا يترك الأمر لأذرع إيران في المنطقة.
قضية عسكرة الشرق الأوسط التي نشهدها في الوقت الراهن، واعتماد الكونغرس الأميركي على تسليح إسرائيل من خلال تقديم ميزانيات عسكرية ضخمة، مما يحمل في طياته مخاطر لاستخدامها مستقبلا وتأثيرها على موازين القوى.
كما يشير وزير الخارجية الأسبق، رفض الصين التصعيد في المنطقة، وتأكيدها على ضرورة تسوية النزاعات بالطرق السلمية. وكذلك رفضها لما يحدث في قطاع غزة، والتنكيل بالشعب الفلسطيني، والاعتراف بالدولة الفلسطينية. ودعوتها كذلك ضرورة ضبط النفس وعدم التصعيد بين إيران وإسرائيل، إلى جانب ضرورة إحكام العقل فيما يتعلق بالتعامل مع الحوثيين في البحر الأحمر لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح خاصة فيما يتعلق بحركة التجارة العالمية.
وضع مختلف
وفي إفادة للصحفيين قبل زيارة بلينكن، ذكر مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية أن العلاقات الأميركية الصينية أصبحت "في وضع مختلف" عما كانت عليه قبل عام، عندما تدهورت إلى أدنى مستوى على الإطلاق بعد أن أسقطت الولايات المتحدة ما يشتبه بأنه منطاد تجسس صيني. لكن المسؤول استطرد قائلا إن العلاقات الهادئة لا تعني أن الولايات المتحدة ستضحي بقدرتها على تعزيز تحالفاتها والدفاع عن مصالحها.
وقال عندما سئل عن النفوذ الذي تملكه واشنطن لإقناع بكين بالتوقف عن مساعدة المجهود الحربي الروسي "نحن مستعدون لاتخاذ خطوات عندما نرى أنها ضرورية ضد الشركات التي.. تقوض الأمن في كل من أوكرانيا وأوروبا بشدة".