لأول مرة في تاريخ فرنسا، ستكون حاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديغول" تحت قيادة الناتو في مهمة مدتها 15 يومًا في البحر المتوسط، وتمثل هذه المشاركة التي انتقدها بعض المعارضين في فرنسا قبل كل شيء، رغبة السلطة التنفيذية في إعادة استثمار الحلف الأطلسي.
وتلك المهمة تجمع بين الولايات المتحدة وإسبانيا واليونان وفرنسا، وذلك لأول مرة في تاريخها الذي بدأ عام 2001، وهذه هي مهمة (أكيلا Akila) وهو اسم متخذ من اللغة اللاتينية وتعني النسر.
1900 فرد و40 طائرة
ومن المقرر أن تنطلق السفينة، من ميناء طولون، حيث تنطلق السفينة تقليديا، في مهمة ستتم في الفترة من 26 أبريل/نيسان إلى 10 مايو/أيار.
وفي 25 أبريل/نيسان، عشية مرورها تحت السيطرة التشغيلية لحلف شمال الأطلسي، سترحب حاملة الطائرات أيضًا على متنها لأول مرة بمؤتمر يضم 32 سفيرًا من الدول الأعضاء في المنظمة العسكرية، وهي علامة على إعادة استثمار فرنسا في الناتو.
وفي هذه المهمة، تحمل شارل ديغول طاقمًا مكونًا من 1900 فرد و40 طائرة رافال وهاوكي وكايمان البحرية.
رسالة إلى روسيا
من جانبه، قال الجنرال السابق في الاستخبارات العسكرية الفرنسية جون برنارد بيناتل، في تصريح صحفي إن طبيعة مهمة العملية (أكيلا) تدور في سياق الحرب التي تقودها روسيا في أوكرانيا.
موضحًا أنه في المقام الأول هي مسألة تبعث على الطمأنينة، وتهدف إلى تعزيز موقف الردع الذي يتمتع به حلف شمال الأطلسي.
وأضاف بيناتل أن المهمة هي رسالة إلى الروس، مشيرًا إلى أن انضمام سفينة الأسطول الفرنسي قبل كل شيء إشارة بشكل رمزي، إلى إعادة مشاركة باريس في حلف شمال الأطلسي، وهي عضو مؤسس للمنظمة التي تم إنشاؤها عام 1949 لمواجهة التهديد السوفيتي.
وتابع أن فرنسا تركت القيادة العسكرية المتكاملة في عام 1966، تحت قيادة الجنرال ديغول، بسبب خلافات مع الولايات المتحدة، وعادت إلى هناك في عام 2009، دون أن تنضم إلى مجموعة الخطط النووية التابعة للحلف.
بدوره، قال باسكال أوسور، المدير العام لمؤسسة البحر المتوسط للدراسات الإستراتيجية، لصحيفة "ويست فرانس"، إنه في منتصف نيسان/ أبريل: "في مواجهة التهديد المتزايد، تكون الأولوية للفعالية الجماعية".
وأعلنت المتحدثة باسم الناتو، فرح دخل الله أن " المهمة (أكيلا) تعكس التزامنا المشترك بتعزيز التعاون وضمان قابلية التشغيل البيني في بيئة أمنية صعبة".
بدورها، قالت القوات المسلحة الفرنسية في بيان على موقعها الرسمي: "سنشارك في أنشطة الحلف في منطقة البحر المتوسط وفي جميع أنحاء أوروبا لتعزيز موقفه الدفاعي والرادع، والمساهمة في الأمن الجماعي ودعم العمليات التي تهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي".
ومنذ عودة التهديد الروسي، نشرت فرنسا أكثر من 1500 جندي على حدود أوكرانيا، في رومانيا، وقد زاد الحلف الأطلسي بشكل كبير من وجوده البحري في أوروبا منذ الحرب الروسية الأوكرانية.
ومن الواضح أن القارب المهيب، الذي يبلغ طوله 260 مترا، سيكون له عين على ما يحدث في البحر المتوسط، في حين أن الأسطول الروسي حاضر بقوة، لكنه سيكون قادرا أيضا على الاعتماد على طائراته المقاتلة لتأمين المجال الجوي لحلف شمال الأطلسي.
انتقادات حزبية من اليمين واليسار
ومع ذلك، فإن مرور حاملة الطائرات تحت قيادة الناتو محل اعتراض من قبل جزء من المعارضة في فرنسا، إذ أعرب زعيم حزب فرنسا المتمردة (يسار متطرف) جون لوك ميلانشون على منصة "إكس" عن الحزن الشديد الذي أظهر تبعية فرنسا.
من جهته، قال عضو البرلمان الأوروبي الفرنسي عن حزب التجمع الوطني (يمين متطرف)، جان لين لاكابيل إن "حاملة الطائرات الفرنسية الوحيدة تحت قيادة الناتو، ستحمل عواقب سياسة التخلي عن السيادة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون".
بدوره، رد وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو في تصريحات لصحيفة "لوباريزيان" الفرنسية قائلًا:" بالطبع لا، إن حاملة الطائرات لن "تترك" السيطرة الفرنسية، وفرنسا لن تتخلى عن سيادتها".
وأضاف الوزير الفرنسي أن شارل ديغول تنضم إلى "مهمة تدريب وطمأنة في البحر الأبيض المتوسط"، لكن "الأمر نفسه ينطبق على الطائرات المقاتلة الفرنسية التي تقوم بدوريات من ليتوانيا لحماية المجال الجوي لدول البلطيق وجنود فرنسا والجيش في رومانيا".
وتابع: "إنهم يخضعون للإشراف العملياتي للتحالف، لكنهم ليسوا خارج السيطرة السياسية والعسكرية الفرنسية في أي وقت من الأوقات".
الخطوط الرئيسة للعملية في البحر المتوسط
وفقًا لبيان صحفي صادر عن وزارة القوات المسلحة، قدم الأدميرال جاك مالارد، قائد المجموعة البحرية الفرنسية، الخطوط العريضة للمهمة خلال مؤتمر صحفي قائلًا" من أجل هذا الانتشار، سترحب مجموعة الحاملة بالوحدات المتحالفة: الأمريكيين والإسبان واليونانيين والإيطاليين والبرتغاليين.
وبالنسبة لأكيلا، ستتلقى الأوامر مباشرة من سلسلة قيادة حلف شمال الأطلسي، خلال جزء من المهمة"، موضحًا أن هذه خطوة أولى عظيمة بالنسبة للبحرية الفرنسية.
وبحسب موقع Defense.zone العسكري الفرنسي، نجد في التركيبة الأساسية للمجموعة الجوية البحرية "قاعدة أساسية تتكون من غواصة هجومية وسفن قتالية مضادة للغواصات ومضادة للطائرات بالإضافة إلى "سفينة إمداد".