أثارت استجابة واشنطن سريعًا لدعوة تشاد من أجل سحب قواتها التي تقدر بمئة جندي وكانت تنشط بمكافحة الإرهاب، علامات استفهام حول دلالات ذلك والأطراف التي قد تستفيد من هذه الخطوة.
وجاء انسحاب واشنطن من تشاد بعد أيام من خطوة مماثلة، حيث سحبت قواتها من النيجر، والتي تقدر بألف ومئة جندي، في مؤشر على استمرار تراجع الأطراف الرئيسة من الغرب في الساحل الأفريقي مثل فرنسا والولايات المتحدة.
وبعد خروج واشنطن من النيجر، أعلنت روسيا وصول مدربين وعسكريين ومستشارين تابعين لها إلى نيامي، من أجل تدريب القوات النيجرية التي تكافح الجماعات المسلحة.
وأثار ذلك تساؤلات حول إمكانية أن تقوم تشاد باتخاذ القرار نفسه، أي استدعاء الروس إلى أراضيها لدعمها في مواجهة الجماعات المسلحة.
ورجح الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الأفريقية عمر ديالو، أن "تقوم تشاد بطلب دعم روسيا خاصة في ظل التقارب بين البلدين، وهو تقارب بدأ منذ زيارة رئيس المرحلة الانتقالية محمد إدريس ديبي إنتو إلى موسكو قبل أشهر وهي زيارة أثارت حفيظة الغرب في وقتها".
وتابع ديالو ، أن "الولايات المتحدة الأمريكية حاولت التحلي بالرصانة اللازمة وعدم التسرع برفض هذه الزيارة أو التقارب، لكن في النهاية تبين أن هناك بداية تنافر بين إنجامينا وواشنطن وبقية العواصم الغربية، أعتقد أن تشاد تمهد لتعاون وثيق مع روسيا تمامًا كما حصل مع مالي وبوركينا فاسو والنيجر".
وتحاول السلطات التشادية طمأنة الأمريكيين بأن طلب الانسحاب لا يعني نهاية التعاون بين الطرفين.
وقال المتحدث باسم الحكومة التشادية عبد الرحمن كلام الله "وجود القوات الأمريكية في تشاد كان مدفوعا في البداية بالالتزام المشترك بمكافحة الإرهاب".
وأضاف كلام الله في تصريحات نقلتها عنه وسائل إعلام فرنسية أن "هيئة الأركان العامة التشادية أعربت عن مخاوف بشأن هذا الوجود".
وتابع: "تقديرًا للمخاوف التي تم التعبير عنها، قررت الحكومة الأمريكية سحب قواتها مؤقتًا من تشاد" موضحًا أن "هذا الانسحاب لا يعني بأي حال من الأحوال وقف التعاون بين البلدين في محاربة الإرهاب".
ومن جهته، قال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية محمد صالح العبيدي، إنه "يوجد تأثير قطع الدومينو بالفعل في غرب أفريقيا من خلال انهيار نفوذ الدول الأوروبية ومن ثم الولايات المتحدة الأمريكية، نظرًا لعدة عوامل يبقى أهمها غياب اتفاقات عادلة بين هذه الأطراف".
وتابع العبيدي . أن "هذا الانهيار يضع روسيا في طريق مفتوح لبسط سيطرتها على أفريقيا، فهي الآن موجودة شمال وغرب القارة ولا أعتقد أنها ستتوقف عن التمدد في ظل تعثر القوى الغربية العاجزة عن إقناع الشعوب والحكام بأنها تغيرت، خاصة أن هناك أجيالا جديدة من الشعوب تنتظر أفعالا وليس مجرد وعود من العواصم الغربية".