تتمّة لسلسلة المؤتمرات القانونية التي نظمتها الأستاذة كوثر بدران ، سعت من جديد هذه السنة من انعقاد مؤتمر دولي نسخة 12 الغير المسبوق بقاعة ميكيلّي مقرّ الهيئة التشريعية بمجلس لاتسيو الإقليمي في روما بتاريخ 12 أبريل 2024، تحت عنوان:" المرأة والحقوق في دول البحر الأبيض المتوسط والخليج".
الذي شاركت فيه محاميات من نقابات كلّ من: بيلونو، فينيسيا، وروما، ومحامون ومحاميات من مختلف مدن إيطاليا اتصلوا عن بعد عبر (منصة هيئة محامي روما المباشر للتعليم المستمر ) ، إضافة إلى عضوات بارزات من الشبكة القانونية للنساء العربيات يمثلن المملكة العربية السعودية، إمارة الكويت، مملكة البحرين، والمملكة المغربية، في إطار مواكبة قضايا المرأة المحامية العادلة، والنبش في محطّات النجاح وسرّ كفاءة المرأة القانونية والقضائية والخطوات التي أقدمت عليها .
وذلك من أجل تحقيق مكانتها المتميّزة وضمان كرامتها واحترام حقها في الحياة وتسلّط الأضواء على أهمّ انجازاتها وكيف رست مبادءَها وقواعدها وسبل تمكينها من مهنتها بتجاوز المعوقات المجتمعية الراسخة وكسر حواجز التحديات الألفية الثالثة، التي واجهت مسيرتها المهنية بكلّ شجاعة وإصرار وصمود ومنافسة واقتدار.
وكيف ناضلت ضد القمع والتمييز والأحقاد وخاضت حروبا متأصّلة غير متكافئة وليس لها فيها أذنى نصاب، مكافحة بالحنجرة والأضافر والأنياب، بالعزيمة أركعت جبروت الأسود واكسرت سيوف الرقاب وأوهنت الصعاب، وبالعناد أسقطت أعباء ومسؤوليات وأتعاب، فارتقت كلّ السلالم الإدارية والمراتب وتقلدت المسؤوليات العالية وأسمى المناصب وأتقنت جميع الأدوار كما تفوقت في كل الأطوار والمكاسب.
تحت شعار التحدّي، انطلق هذا المؤتمر المغلق في جو جميل وحسن تنظيم حضره أساتذة وباحثون وخبراء وجامعيون وممثّل السفارة السعودية والإذاعة والتلفزة الأولى الإيطالية، ألقت كلمة افتتاح المؤتمر الأستاذة كوثر بدران: رئيسة المركز الدولي للبحوث القانونية (أجامي)، ورئيسة المكتب الدولي للمحاماة بدران، التي قالت فيها: أنّ الهدف من هذا المؤتمر هو تدريب المحامين في مجال القانون الدولي المقارن وأنا بوصفي محامية وعضوة في لجنة القانون الدولي المقارن في نقابة المحامين بروما ، وعضوة في الطاولة الإقليمية لمنطقة الفينيتو، قمت بتنظيم هذا الحدث لمقارنة ما وصلنا إليه فيما يتعلق بحقوق المرأة، وأنّه على الرغم من وجود حروب، فإننا نأمل أن نتمكن نحن النساء نيابة عن الشعوب على الأقل من تشجيع الحوار بين الأمم.
ـ تلتها كلمة الأستاذ باوْلو نيستا: رئيس هيئة المحامين بروما التي تعدّ أكبر هيئة في أوروبا بعدد يصل إلى 35.000 محام وممارس، التي جاء فيها: إنها لحظة من التفكير العميق في وضع المرأة في هذه المناطق، والتي ظهر منها أن عدم المساواة بين الجنسين هي ظاهرة معقدة وعميقة الجذور، نتيجة لتقاليد الألفية التي غالبًا ما تتعارض مع الحقوق الأساسية للإنسان.
ولا تزال المرأة، في العديد من المجتمعات غير البعيدة عن مجتمعنا، تواجه حواجز كبيرة في الحصول على التعليم والعمل والمشاركة السياسية، مما يحد من فرصها في التنمية الشخصية والاجتماعية. ولا يتجلى هذا التفاوت في مكان العمل أو المجال المهني أو الاقتصادي فحسب، بل يتخلل كل جانب من جوانب الحياة اليومية، من القرارات العائلية إلى المشاركة الاجتماعية والسياسية. وهيئة روما للمحامين، بتاريخها الطويل في الدفاع عن حقوق الإنسان، حساسة بشكل خاص لهذه القضية، كما قامت في هذه المناسبة أيضًا بالترويج لدراسة لتعزيز المساواة بين الجنسين وضمان حقوق المرأة، وهي تدرك جيدًا كيف يتطلب ذلك التزامًا ثابتًا ومشتركًا من المؤسسات والمنظمات والمهنيين في كل قطاع.
فقط من خلال نهج تعاوني وشامل يمكننا أن نأمل في التغلب على الحواجز الثقافية والاجتماعية التي تحد من التنمية الكاملة للمرأة وتضمن مستقبل أكثر مساواة وازدهارا للجميع. وهذا المؤتمر هو مجرد بداية لحوار مستمر وإجراءات ملموسة تهدف إلى خلق عالم تستطيع فيه المرأة التمتع الكامل بحقوقها وفرصها وحقها في الحرية وفي التفكير والكلام وحقّها في الحياة ، مشيرا أن هيئة روما لها لجنة مكلفة بالدفاع عن حقوق المرأة وتكافؤ الفرص.
ـ ثمّ أعطت الأستاذة كوثر الكلمة للصحفي باولو دي دجان أنتونيو الدكتور في علم الاجتماع والمتخصص في الدراسات العربية الإسلامية في الجامعة الشرقية في نابولي والصحفي الشهير للراي (راديو والتلفزة الإيطالية)الذي اشتغل سنوات عدة بالشرق الأوسط، والذي تناول الحديث عن التغييرات الكبيرة التي أقدمت عليها الدول العربية بعد عودته إلى إيطاليا وأنّ ذلك يدلّ على قدرات النساء العربيات الخارقة لخلق أشياء خارقة وعظيمة ولا يحقّ للغرب أن يعلّمهمن حقوقهن بل يتركهن يفعلون لوحدهنّ ثمّ يتعلّم منهنّ.
ـ تسلّم الكلمة السيد السيناتور بارتولوميو أميدي العضو التاسع بمجلس الشيوخ المسؤول التشريعي منذ سنة 2014 عن مجالات (الصناعة ، التجارة ، السياحة ، الزراعة ، الإنتاج الزراعي والغذائي) للجنة الدائمة للسيناتو الإيطالي، الذي حضر معها السنة الماضية بقاعة كادوتي الناصرية ساحة ماداما بمجلس الشيوخ بروما المؤتمر الدولي نسخة 11 الذي نظمته الأستاذة بدران تحت عنوان: الدكتورة كوثر بدران تنجح في توقيع اتفاقية تجارية بين إيطاليا والمغرب بمجلس الشيوخ الإيطالي.
ـ بعد ذلك أخذ الكلمة المستشار ماركو بالاتسي وهو مستشار رابطة الشمال (ليجا سالفيني) للبلدية الرابعة ، مونتي ماريو، الذي عوّض المستشارة لاورا كارطادجينيزي الذي شكر بدوره الأستاذة بدران عن المؤتمر الهامّ والمفيد، متمنيا لها النجاح في مسيرتها القانونية.
ـ وجاء دور الأستاذة القاضية بشرى العلوي من المغرب، التي اختصرت نبذة عن حياتها في كلمات قصيرة بعد السلام قائلة : أنّها كانت قاضية ورئيسة محكمة بالدار البيضاء وحصلت على التقاعد ولديها اختصاص في قانون الشغل وحقوق الانسان، وأنهت شهادتها عن حالات تمييز وهمز ولمز كانت تحاك في جميع مناحي الحياة ضد نساء، وما خلفه هذا الفعل المذموم من لؤم جارح و شؤم فادح واستياء، شاكرة للأستاذة كوثر بدران كرم الضيافة ونجاح المؤتمر الفعّال، وللسيد النقيب باوْلو نيستا حسن الاستقبال وشرف الاحتفال.
ـ أعقبتها الأستاذة بيان زهران من السعودية : التي تعتبر أول محامية ممارسة في المملكة العربية السعودية وعضوة جمعية الحقوقيات العربيات. التي رحّبت في كلمتها بالأستاذة كوثر وبرئيس الهيئة وكل الزملاء والزميلات الحاضرات وتكلّمت عن المرأة السعودية العاملة وعن الدور الريادي الذي بدأت تلعبه وتطرّقت إلى تضحياتها لتصبح أوّل امرأة سعودية تتربّع على عرش المحاماة النسوية في السعودية.
ـ ثم وصل الدّور على الأستاذة فوزية جناحي من البحرين: عضوة جمعية الحقوقيات العربيات، من هيئة محامي مملكة البحرين التي شكرت الأستاذة بدران على إقامة هذا المؤتمر وتعلّمت منه الكثير من تجارب محاميات ايطاليات، متفاجئة بمعاناتهن من التمييز ، متمنّية من الأستاذة كوثر أن تزيد من أمثال هذه المؤتمرات القيّمة.
ـ لتتسلّم الأستاذة عذراء الرفاعي عضو من مجلس النواب الكويتي، التي شكرت الأستاذة بدران على هذا المؤتمر والتجربة الرائعة جداً والفريدة ، حول التطرّق إلى موضوع المرأة العاملة على مستوى الخليج والعالم العربي المنظم في إيطاليا وتحدثت عن قوانين الكويت في دعم المرأة العاملة ، وحصولها على معلومات كثيرة عن المرأة المحامية والمرأة العاملة في إيطاليا واستفادت من تبادل الأفكار والمعلومات والخبرات.
كما تدخّلت كل من :
ـ الدكتورة دجوليا زكية: خبيرة اقتصادية بقسم العلوم الإحصائية بجامعة سابينزا في روما، مختبر مينيرفا.
ـ الأستاذة دجوليانا سكروكا محامية بروما ، وسيطة في جهاز المحاماة وعضوة لجنة القاصرين في نقابة المحامين بروما.
ـ الأستاذة سيلفيا سلفيستري: محامية بروما ، وسيطة في جهاز المحاماة وعضوة لجنة القاصرين في نقابة المحامين بروما. وتحدثت عن المرأة المحامية والتحديات التي تعترض طريقها.
ـ الدكتورة سونيا سوماكال: نائبة المدعي العام لمحكمة فينيتسيا ، من هيئة بيلونو ، عضوة بجمعية "أجامي” التي ترأسها الدكتورة بدران. ومؤسسة جمعية "أدو Adu "، وهي جمعية حقوق الإنسان التي تستأنف أمام المحكمة الأوروبية في حالة انتهاك حقوق الإنسان.
ـ الأستاذة فالينتينا فالنتي: محامية من فينيسيا متخصصة في الجنايات
ـ الأستاذة ماريستيلا روسو: محامية بروما
في الختام: كرّم الرئيس باولو نيستا القانونيات العربيات المشاركات بالمؤتمر بشهادات التقدير ، رمزا للتقارب في الحوار بين الثقافات والبلدان والقانون والعدالة الذي يوحد الجميع خارج الحدود، لدعم معارك المرأة حول العالم، كما تمّ الاتفاق على التواصل بين النساء العربيات والإيطاليات على أمل الشراكة مع هيئة محاميات روما، المستعدّة لتنظيم مؤتمر آخر مباشرة داخل مقر مجلس الهيئة بمحكمة النقض، منهيا حديثه أنّ المؤسسات والسياسة والمحامين يجب أن يعملوا معًا في مشروع الحوار بين الأمم.
استنتاجات المؤتمر:
كتبتها الأستاذة ماريستيلا روسو محامية بروما.
التأمل الأول، بشكل لا لبس فيه، هو أن "حقوق المرأة في منطقة البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الخليج والشرق الأوسط ليست كلها متماثلة، فالنساء لا يتمتعن بظروف متساوية. في حوض البحر الأبيض المتوسط، تختلف الحضارات والثقافات والتقاليد والدين والأنظمة القانونية وتتقاطع حول المرأة، مما يخلق الألفة والصراع.
قدمت لنا زميلاتنا المحاميات من العالم العربي، اللواتي استمعنا إليهنّ للتوّ، مقارنة بين الثقافات المختلفة، ومشاكل البلدان المختلفة، ولكن مقارنة/ لقاء مع قاسم مشترك: كوننا نساء.
ويتلاشى الاختلاف في اللغة والثقافة في مواجهة المشاكل المشتركة.
لقد تبين أنه بالنسبة لهن، كما بالنسبة لنا، هناك جدار غير مرئي لا يمكن للمرأة أن تتجاوزه، جدار يمنعنا من الوصول إلى المسؤوليات العليا في كل قطاع من قطاعات المجتمع، الجدار الذي يمنع النساء من العمل تحت إدارة الشركات وعالم العمل بأكمله.
لقد ظهرت حقيقة أخرى لا لبس فيها: نحن النساء الأوروبيات والغربيات أكثر كسلاً من صديقاتنا وزميلاتنا القانونيات في العالم العربي. أعلم أنني لا أحظى بشعبية خاصة، لكنني أعتقد أنه من حيث الالتزام والنضال، فقد أصبحنا نحن النساء الأوروبيات كسولات بعض الشيء، ويمكن أن تساعدنا المقارنة مع هؤلاء البطلات الاستثنائيات في بلدان البحر الأبيض المتوسط الأخرى على إعادة اكتشاف ذلك الشغف الذي سمح لنا في الماضي لتغيير عالم المرأة في بلادنا.
نحن، النساء الأوروبيات، ظننا خطأً أن الحركة النسوية/النسائية الغربية في الستينيات/السبعينيات قد قامت بمهمتها، وأهملت واقع المرأة في جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط وفي الشرق الأوسط، وشبهت الأخيرة بالأولى، دون بدل من ذلك مع الأخذ في الاعتبار كافة التطورات التي تبعت ارتباطاً وثيقاً بالعولمة. كثيراً ما يتوقف وضع المرأة المسلمة أمام المطالب الأصولية، إذ تعيش المرأة الأوروبية تناقض حالتها، أي تحرراً ظاهرياً وتوقفاً ملموساً لحضورها في عالم العمل، سواء على مستوى العمل أو المهنة والراتب، شرط يخفي كل حدود الاختلاف بين الجنسين.
لكسر هذا الجدار غير المرئي، أو السقف الزجاجي كما يطلق عليه عادة، الذي تحدثت عنه من قبل، من الضروري إنشاء جسر بين الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، جسر لنتمكن من العمل معًا ، حول المواضيع المشتركة المعروفة على نطاق واسع والتي يتم الحديث عنها اليوم. جسر للتعاون والمناقشة والتضامن والمشاركة.
يجب علينا أن نعمل معًا، ونتفاعل، ونحافظ على المقارنة بين الثقافات، وهي ضرورية لجعل مبادراتنا طليعة تتحرك باستمرار لإعطاء استمرارية للنوايا المعبر عنها اليوم. ومن هذا الاجتماع، سنخرج نحن النساء "قويّات وناجحات".