تشهد علاقات الشراكة والتعاون بين روسيا والصين طفرة غير مسبوقة وتطورًا لافتًا، خاصة خلال السنتين الأخيرتين، بعد فرض عقوبات غربية على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا.
ومع عزلتها الدولية وجدت روسيا في الصين متنفسًا وشريان حياة اقتصاديًا حقيقيًا، وتطور حجمُ المبادلات التجارية بين البلدين في شتى المجالات، وهو ما أكدته الأرقام، مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرمزية إلى بكين.
وينهي بوتين اليوم زيارته إلى الحليف الإستراتيجي لبلده، في أول تنقل له خلال عهدته الرئاسية الجديدة.
بالعُملات الوطنية
وأكد بوتين في تصريحات من العاصمة الصينية أن "حوالي 90% من جميع المدفوعات بين بلاده وبكين تتم بالروبل واليوان، وأن القرار المشترك للتحول إلى العملات الوطنية في المدفوعات الثنائية جاء في الوقت المناسب وأعطى زخمًا لتوسيع التدفقات التجارية".
ووفق الرئيس الروسي فإنه "على مدى السنوات الخمس الماضية، على الرغم من عواقب الجائحة وعلى الرغم من بعض الإجراءات التقييدية من جانب دول ثالثة (في إشارة إلى العقوبات الأوروبية)، ينمو حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين بوتيرة جيدة، وقد تم تكوين محفظة تضم 80 مشروعًا استثماريًا مشتركًا كبيرًا في مختلف المجالات".
ويقول مراقبون إن روسيا "تنظر إلى الصين باعتبارها شريان حياة رئيسًا لاقتصادها في زمن الحرب، خاصة في ظل العقوبات الاقتصادية والعزلة الدولية التي تعاني منها موسكو".
ووفق تقديرهم، فإنّ الصين باتت "الوجهة الرئيسة لتجارة الطاقة الروسية ومزود الكرملين الرئيس من المعدات والتقنيات الحيوية التي لم تعد روسيا قادرة على الحصول عليها من الدول الغربية".
تطور لافت
ومع خروج كبرى الشركات الأمريكية والأوروبية من روسيا لتجنب العقوبات الدولية، عمدت موسكو إلى زيادة حجم مشترياتها من السلع الصينية مثل السيارات وحتى الهواتف الذكية، ليبلغ حجم التجارة بين البلدين أكثر من 240 مليار دولار العام الماضي، ما يمثل ارتفاعًا بمعدل الربع عن أرقام العام الذي سبقه.
ويؤكد متابعون أنّ روسيا باتت في الوقت الراهن أكبر مصدّر للنفط الخام إلى الصين، فيما لعبت الصادرات التكنولوجية دورًا حاسمًا في تعزيز التجارة الثنائية، وأبرمت روسيا صفقات لبيع النفط إلى الصين بتخفيضات كبيرة بعد أن قلل الغرب اعتماده الكبير على مصادر الطاقة الروسية بعد الحرب في أوكرانيا.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اتهم الصين، خلال زيارته، مؤخرًا، إلى بكين، بدعم "آلة الحرب الروسية عن طريق تزويد موسكو بالإلكترونيات والمواد الكيميائية اللازمة لصناعة الذخائر والصواريخ"، وهو ما نفته الصين.
ولوّحت واشنطن بفرض مزيد من العقوبات إذا لم تقم الصين بتقليص صادراتها المرتبطة بقطاع الصناعات العسكرية إلى روسيا.
وبحسب متابعين، فإنه من المستبعد أن تعدل الصين عن هذا النهج الذي اختارته مع موسكو، فيما بدا أنه مسعى من القوتين الإقليميتين لتقويض النظام العالمي الحالي.