من الدعم العلني بالأسلحة والأموال إلى الغطاء الدبلوماسي الدولي لم تأل الولايات المتحدة جهداً في إفساح المجال أمام كيان الاحتلال الإسرائيلي لإشباع رغبته بارتكاب أبشع جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، لكن الدعم الأمريكي هذا لم يقتصر على ضخ الذخائر والأسلحة لقتل الفلسطينيين، بل تعداه حسب ما كشفت عنه وثائق مسربة وشهادات مسؤولين أمريكيين إلى تهيئة الظروف المواتية لحدوث مجاعة طاحنة تقضي على كل من تمكن من النجاة حتى الآن من جحيم القصف الإسرائيلي.
الوثائق التي تحدثت عنها صحيفة الاندبندنت البريطانية تفضح تواطؤ إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بشكل كامل مع حدوث مجاعة في قطاع غزة وخلق كارثة إنسانية متعمدة على جبهتين، أولهما ضحايا القتل المباشر لقصف قوات الاحتلال الإسرائيلي، وثانيهما قطع المساعدات الغذائية والدواء ومياه الشرب بشكل مقصود يهدف إلى حدوث مجاعة على نطاق واسع.
مقابلات مع مسؤولين حاليين وسابقين في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية الأمريكية إضافة إلى وثائق رسمية مسربة جميعها تكشف وفقاً للصحيفة طريقة تعامل إدارة بايدن فيما يتعلق بالتحذيرات من حدوث مجاعة في غزة ورفضه المقصود التدخل بأي شكل من الأشكال للسماح بدخول مساعدات إنسانية إلى غزة وعرقلته فضلاً عن كل هذا للجهود الدولية من أجل التوصل لوقف إطلاق النار أو تخفيف الأزمة في وقت يستمر فيه الضخ الكثيف للأسلحة والأموال لكيان الاحتلال.
جوش بول المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية الذي استقال بسبب التحيز الفاضح لـ "إسرائيل”، قال: إن ما تكشف عنه الوثائق "لا يعني مجرد غض الطرف عن التسبب بمجاعة لشعب بأكمله بل هو تواطؤ مباشر” من قبل الإدارة الأمريكية.
وحسب الصحيفة فإنه في ظل التحذيرات التي صدرت منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تشرين الأول الماضي بحدوث مجاعة ونظراً لمنع الاحتلال الإسرائيلي دخول أي مساعدات إلى القطاع وقطعه الوقود والمياه والكهرباء عن أهالي غزة المحاصرين فإن عدم تصرف الإدارة الأمريكية تجاه هذه المخاطر هو "خيار سياسي لخلق كارثة إنسانية في القطاع”.
الصحيفة أشارت إلى أن الضحية الأولى للمجاعة التي يشهدها قطاع غزة هم الأطفال الذين يموتون جوعاً أو من نقص الحليب، في حين تواصل قوات الاحتلال فرض قيود مشددة لمنع وصول أي مساعدات إلى القطاع، بالتوازي مع التدمير الكامل للبنية التحتية الحيوية اللازمة لإنتاج الغذاء.