بدأ الاحتلال باستنساخ نموذج حربه على قطاع غزة في الضفة الغربية، بعد إعلانه بدء عملية عسكرية واسعة يسميها "المخيمات الصيفية" وتشمل نور شمس في طولكرم والفارعة في محافظة طوباس وجنين ومخيمها، ومحاصرته للمستشفيات والمشافي، واستخدامه للطائرات والغارات الجوية والجرافات لتخريب البنى التحتية، صاحب ذلك دعوات للتعامل مع الضفة على غرار غزة وتنفيذ إخلاء للمواطنين من منازلهم لمناطق أخرى.
لم تأت هذه الدعوات على لسان مسؤولين عسكريين في جيش الاحتلال أو وزير الحرب، وانما جاءت على لسان وزير الخارجية لدولة الاحتلال يسرائيل كاتس، وهو ما يرى فيه الكثير من المحللين رسالة موجهة للعالم وتستهدف جس نبض ردود الفعل الدولية كمرحلة أولى قبل الشروع في تطبيق الخطة التي قد تتطور مستقبلاً.
لذلك ترك المتحدث باسم جيش الاحتلال الباب موارباً أمام هذا الخيار، حيث قال إنه لا توجد خطط حالياً لإصدار أوامر بإخلاء السكان. مضيفاً للصحفيين: "إذا أراد الناس المغادرة، فبإمكانهم ذلك. لكنني لا أعلم بوجود خطة للإخلاء أو شيء من هذا القبيل".
وقال الناطق باسم الاحتلال خلال مؤتمر صحفي: "نحن في المراحل الأولى من هذه العملية".
بدوره، صرح كمال أبو الرب محافظ جنين أن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا نظراءهم الفلسطينيين بفرض حظر تجول رسمي على أجزاء من المدينة.
وأضاف أن قوات الاحتلال تحاصر مستشفيات المدينة ومداخلها ومخارجها.
وتابع أبو الرب: "الناس يعيشون في حالة من الرعب والقلق".
وفي حديث مع "النجاح الإخباري"، قال المحلل السياسي سامر عنبتاوي إن العالم يجب أن ينظر لما يجري ويقيم مدى الخطورة.
وأضاف عنبتاوي أن نتنياهو يعمل على المشروع الصهيوني ومخططاته ليس لوحده بل هو ضمن منظومة سياسية متطرفة استطاع جرف الداخل الإسرائيلي إليها عبر الحزب اليميني الفاشي وحكومته ضمن نفس التركيبة هؤلاء الآن يتخيلون وجوب تطبيق مشروعهم الصهيوني في هذه الفترة وأن هناك فرصة تاريخية وجودية لتطبيقه بالقضاء على الوجود الفلسطيني وجعل قطاع غزة غير قابل للحياة ثم مضاعفة الحصار والعدوان على الضفة من خلال المستوطنين ومنحهم الصلاحيات والامتداد الاستيطاني.
وقال عنبتاوي: "كل هذا يوضح المشروع الصهيوني الساعي لتهجير الفلسطينيين والقضاء على الوجود الفلسطيني وحلمه بإقامة دولته الفلسطينية واستقلاله".
ونوه إلى مقولة رئيس وزراء الاحتلال الأسبق أرئيل شارون الواردة في مذكراته والتي تنص على أن دولة الاحتلال عندما تجد نفسها في مأزق استراتيجي وتريد المرور عبر معبر استراتيجي كبير تقوم بخلق فوضى بالمنطقة وخلال هذه الفوضى تمرر مشروعها".
وقال عنبتاوي: "وهذا ما يريد نتنياهو تطبيقه عبر حرب إقليمية شاملة تحقق مساعيه وللأسف أميركا تحابي الاحتلال وتمنحه الفرصة والغطاء السياسي ومده بالمال والعتاد والعرب يغضون الطرف عن هذه الحقيقة بين متواطئين ومتخاذلين لذا فإن الشعب الفلسطيني ترك لمواجهة هذا المشروع بقدراته المتواضعة إلا أنه لا يزال صامدًا مقاومًا وهناك تغيرات على مستوى العالم يراهن عليها الشعب الفلسطيني".
تأتي هذه التطورات في وقت تتصاعد الدعوات من قادة المستوطنين إلى تنفيذ الإبادة في الضفة، وقال رئيس ما يسمى "مجلس المستوطنات" (يشع) يسرائيل غانتس: "يجب أن نفعل بمخيم نور شمس كما فعلنا بالنصيرات وإلا سيحدث لنا كما حدث لكيبوتس بئيري".
وتنفذ قوات الاحتلال غالبية عمليات الاغتيال في الضفة باستخدام سلاح الجو، وهو ما يعني وفقاً لقراءة المحللين بأنها تتعامل مع الضفة الغربية كساحة حرب.
ويخشى الفلسطينيون في الضفة الغربية من استغلال الاحتلال للصمت الدولي لتنفيذ مجازر وعمليات تهجير بحقهم، لا سيما مع انفلات عقال المستوطنين المسلحين والذين يهاجمون القرى والبلدات الفلسطينية.
ومنذ بدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استشهد أكثر من 600 فلسطيني في الضفة الغربية، وفقاً للأمم المتحدة. وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أيضاً إن القوات الإسرائيلية هدمت أو صادرت أو أجبرت على هدم أكثر من 1400 مبنى في مختلف أنحاء الضفة الغربية منذ ذلك الحين.
أما في غزة فارتفع عدد الشهداء إلى أكثر من 40 ألف والاف الجرحى والمفقودين، وهجر الاحتلال 90% من المواطنين في القطاع كما دمر أكثر من 65% من المباني.