كشف تقرير أمريكي جديد عن معاناة الآلاف من جنود الجيش الإسرائيلي العائدين من جبهة القتال في غزة من صدمات نفسية واضطرابات في الصحة العقلية، أدت في بعض الحالات إلى الانتحار. التقرير الذي نشرته شبكة "سي إن إن" لم يحدد عدد الجنود الذين انتحروا منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، لكنه أكد أن الآلاف يعانون من اضطرابات نفسية حادة ناجمة عن التجارب المروعة التي عاشوها.
ونقل التقرير عن جنود إسرائيليين أن ما شهدوه في غزة كان "فظائع لا يمكن للعالم الخارجي استيعابها"، مشيرًا إلى أن الحرب التي يعتبرها البعض "بلا نهاية" تسببت في آثار نفسية قاسية على المشاركين فيها. وتعتبر هذه الحرب الأطول في تاريخ إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948، ومع توسع العمليات إلى لبنان، يخشى بعض الجنود من تجنيدهم في صراع آخر.
أحد أطباء الجيش الذي خدم لأربعة أشهر في غزة قال لـ "سي إن إن" إن العديد من الجنود يعيشون في خوف من إعادة التجنيد، معربًا عن فقدان الثقة بالحكومة. أما عائلة جندي الاحتياط إيليران مزراحي، فأكدت أن ابنها انتحر بعد معاناته من اضطراب ما بعد الصدمة عقب خدمته في غزة، واصفة حالته بأنه "عاد شخصًا مختلفًا".
الجندي جاي زاكين، صديق مزراحي، تحدث أيضًا عن الفظائع التي ارتكبها الجيش في غزة، وأوضح أنه لم يعد قادرًا على تناول اللحوم، لأنها تذكره بالمشاهد المروعة التي عاشها خلال خدمته، حيث كان يعمل على قيادة جرافة. وأدلى زاكين بشهادته أمام الكنيست الإسرائيلي في يونيو الماضي، مشيرًا إلى أن الجنود استخدموا الجرافات لدهس المدنيين في غزة.
التقرير أشار أيضًا إلى معاناة الجنود من صراعات أخلاقية عندما يواجهون مدنيين في غزة، حيث تتغير نظرتهم السابقة للسكان، الذين كان يُعتقد أنهم داعمون لحماس.
البروفيسور أهرون بريغمان من كينغز كوليدج لندن، الذي خدم سابقًا في الجيش الإسرائيلي، قال لـ "سي إن إن" إن الحرب في غزة تختلف عن أي حرب أخرى، لافتًا إلى أن القتال في مناطق حضرية مليئة بالمدنيين يجعل الانتقال إلى الحياة المدنية بعد الحرب أمرًا مرهقًا.
ويتابع: "ما يرونه هو جثث، ويقومون بجرفها مع الحطام. إنهم يمرون فوقها"، مشيرا إلى أن الانتقال من ساحة المعركة إلى الحياة المدنية "أمر مرهق بالنسبة للعديد من الأشخاص، وخاصة بعد الحرب في المدن التي تنطوي على مقتل النساء والأطفال"، متسائلا: "كيف يمكنك أن تضع أطفالك في الفراش عندما رأيت أطفالا يُقتلون في غزة؟".
صحيفة "هآرتس" ذكرت أن 10 جنود انتحروا بين 7 أكتوبر و11 مايو الماضيين. وأفادت إدارة إعادة التأهيل في الجيش الإسرائيلي بأن أكثر من ثلث الجنود الذين تم إبعادهم من القتال يعانون من مشاكل نفسية، حيث يتم إبعاد أكثر من ألف جندي شهريًا لتلقي العلاج. ومن المتوقع أن يعاني حوالي 40% من الجنود الجرحى من مشاكل في الصحة العقلية مع نهاية العام.