منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض، كان التعاون سبيلاً للبقاء، وكان التكافل عنواناً للقوة والوحدة. وفي الأردن، تجسدت هذه القيم الأصيلة في مفهوم العونة، تلك الممارسة الشعبية التي وحدت القلوب قبل الأيادي، وجعلت من التشارك في الجهد أسمى أشكال العطاء الوطني. واليوم، يأتي العمل التطوعي الحديث امتداداً طبيعياً لهذا الإرث، ليواكب احتياجات الحاضر ويصنع حلول المستقبل.
وانطلاقاً من هذه الجذور الراسخة، أطلق صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد المعظم، حفظه الله ورعاه، جائزة الحسين بن عبدالله الثاني للعمل التطوعي، إيماناً منه بأن الشباب هم عماد الوطن، وأن طاقاتهم المتجددة لا بد أن تستثمر في ميادين الخير والبناء. لقد أرادها سموه منصة وطنية تكرم الجهود المخلصة، وتفتح آفاقاً أوسع أمام الأفراد والفرق والمبادرات والمؤسسات لتقديم ما هو أنبل وأسمى في خدمة وطنهم ومجتمعهم.
الجائزة رسالة ثقة أطلقها أمير الشباب للشباب، ودليل على أن كل جهد صادق، وكل مبادرة راسخة الأثر، تجد من يحتفي بها ويضعها في مكانها الطبيعي من التقدير والاعتراف. فهي دعوة لأن نحيي في داخلنا روح العونة الأردنية، وأن نترجمها اليوم عبر مشاريع إبداعية تعزز التضامن المجتمعي وتسهم في بناء الوطن.
ولذلك، فإننا نحث كل شاب وشابة، وكل فريق عمل، وكل مبادرة ومؤسسة، أن يتقدموا لهذه الجائزة، فهي فرصة لإبراز قصص النجاح التي ولدت من رحم العطاء، ولتعكس صورة الأردن المشرقة في أبنائه المخلصين.
لقد أراد سمو ولي العهد من خلال هذه الجائزة أن يبعث برسالة واضحة أن العمل التطوعي، فعل وطني عميق الجذور، يترجم قيم الولاء والانتماء، ويجسد تطلعات قيادتنا نحو مستقبل يبنى بسواعد الشباب وإرادتهم.
إنها جائزة تحمل في جوهرها تقديراً لكل متطوع، وإلهاماً لكل صاحب فكرة، وتحفيزاً لكل من يطمح أن يترك بصمة خيرة في مجتمعه، لتظل روح العونة متجددة في وجدان الأردنيين، وليبقى العمل التطوعي علمًا يرفرف فوق كل يدٍ تمتد للعطاء، وكل قلبٍ ينبض حباً للأردن.