يظهر في كل عصر من يرفع شعار حماية الدين والانتصار للإسلام، غير أنّه في الحقيقة يحجبه عن الحياة ويشوّه صورته أمام العالم. هؤلاء هم "الظلاميّون":
جماعة تتشبّث بفهم جامد للنصوص، وترفض أي اجتهاد أو تجديد، وكأنّ باب المعرفة قد أُغلق بعد القرون الأولى.
الظلاميّون يتوهمون أنّهم يدافعون عن العقيدة برفضهم للحقائق العلمية المبرهَنة، بينما هم في الواقع يعزلون الإسلام عن مسرح العصر.
فمن ينكر كُرويّة الأرض أو دورانها لتعاقب الليل والنهار، أو يرفض أن الفصول والسنة نتاج دوران الأرض حول الشمس، أو يتجاهل حركة الشمس في فلكها داخل مجرّة درب التبّانة، إنما يقدّم الإسلام وكأنه دين يعادي البديهيات وينكر سنن الله في الكون.
القرآن الكريم جاء نداءً مفتوحًا للتفكّر ، قال تعالى:-«قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا»، وتأكيدًا على أنّ في الخلق دلائل عظيمة, فقد قال تعالى الى: «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ».
وسرّ إعجاز هذا القران أنه صالح لكل زمان ومكان، إذ تتجدّد الكلمة والآية بمعانيها عصرًا بعد عصر، لتتناغم مع التقدّم الحضاري والعلمي والتكنولوجي.
ومع تطوّر أدوات المعرفة والذكاء الاصطناعي، بات ممكنًا لنا تفسير النصوص القرآنية وتحليلها بطرق أعمق، دون أن يتعارض ذلك مع القرآن أو السنّة، بل بما يكشف جانبًا جديدًا من دقّة الوحي.
لكنّ الظلاميّين يرفضون هذا الانفتاح، ويخشون أن يُربط النص بالعلم، حتى لو كان العلم شاهدًا على صدق القرآن.
إنّ الانغلاق الفكري يجعل من الظلاميّين أعداءً للدين وهم يحسبون أنفسهم من أنصاره.
فالانتصار للإسلام لا يكون برفع الشعارات ولا بالجمود على مقولات الماضي، بل بالصدق في البحث، والانفتاح على الحقائق، وإبراز أنّ الإسلام دين يحتضن العلم ويقود العقل، لا دينٌ يُسجن في العتمة.