الجوع و المرض هما وجهان لعملة واحدة تسمى الفقر،،سياط الجوع ظالمة مهلكة و سطوة المرض وحش ينهش أيام العمر...
ما فائدة وجود صور فوتوغرافية موثقة للحظات من زمان قد ولى حبيسة ببراويز أنيقة و ما جدوى دروع تذكارية لإنجازات منسية و ما معنى وجود شهادات تقديرية و كتابات شكر بالعشرات،،طبعا و نعم ،،أحبوا وطنهم و أحبوا صنعتهم فأبدعوا فاستحقوا التكريم،لكن الأجمل استمرارية هذا التكريم....
كل ما ذكر لا يساوي شيئاً إزاء غصة جوع و قرقرة معدة فارغة لا يوجد ما تسد به فرط جوعها،ما معنى هذا كله أمام مرض قد عجز الأطباء عن علاجه و نهايته معروفة و محتومة،،أوجاع بكل لحظة تستولي على كل جارحة لتحرقها و تطفيء بوادر الحياة فيها منذرة و متوعدة بوداع فتاك مرعب بين الحين و الآخر،،ما المرجو من الحياة سوى العافية التي يستقيم بوجودها كل معوج.
أعتقد جازمة بأن لا شيء بهذا العالم يوازي العافية التي تتهيأ من خلال عيش كريم و عزيز و دخل ثابت و ديون معدومة،لا رفاهيات بهذه الأمور لا ابدأ بل هي أساسيات الحياة التي لا يوجد أحد بيننا ينكر إستحالة المضي قدماً فيها بلا وجود المادة،المادة التي يحلم هذا المنكوب بالإبقاء عليها بجيبه المثقوب إن وجدت بنهاية الشهر لساعات فقط فالقائمة طويلة و المتطلبات الأساسية كثيرة و الحاجات الإنسانية تلح بإصرار و بلا هوادة و بكل ضراوة و قسوة.
تعلموا عزة النفس و تعلموا الإستقواء على كل صعب و علمتهم الأيام بأن يرتقوا على كل مادي يشدهم للأسفل لكن هناك نقاط و مفاصل تجعلهم يعيدون النظر بمفهوم العزة و الإستقواء و الإرتقاء بغير مواضعها،فلا استقواء و لا قوة و لا حيلة على جوع و مرض.
هناك بيوتاً تئن تحت وطأة الجوع و العوز
و هناك اناسا لا يملكون ما يسترهم من البرد القارص،لا يملكون مؤهلات تقاوم البرد داخل بيوتهم و لا يمتلكون حتى ثمن إنبوبة الغاز و لا ثمن فاتورة الكهرباء و لا يمتلكون حتى أغطية دافئة و لا آسفة جدا حتى أية ملابس تتناسب مع هذا الفصل البارد،و للعلم لا يشتكون و لا يتسخطون،بل هم بمنتهى الشموخ و الصمود و الصبر،كلمات الحمد و الشكر لله لا تفارق شفاهم،،، و لكن لمن يقرأ الوجع جيداً يستخلص من كلماتهم و من شحوب وجوههم وجعا خفيا جلياً لا نهاية له و لا حدود.
لأصحاب الشأن و القرار و القدرة بأي مكان.....
الرجاء الرحمة و الرأفة و التلطف بهؤلاء فقد كتب المولى عز وجل الرحمة على نفسه و أمرنا بالتراحم فيما بيننا،و حرم الظلم على نفسه و جعله بيننا محرماً فحذار من المظالم فإنها مهلكة،الاجتهادات الفردية غدت غير مجدية فالأعداد بإزدياد و الوضع مرعب و لست أبدا مخولة بتزويد أحد بأسماء و عناوين رغم أنني قد فعلتها مراراً و تكرارا،و لست بنادمة،،الذي أندم عليه فعلاً هو إنتظاركم لمن يطرق الأبواب و لمن يقرع الأجراس،،أبدا ما عاد يجدي هذا فلن يفعلوا و الخوف كل الخوف مما هو أبعد و لست بمتفائلة و القادم ليس بأجمل و الأيام الجميلة لن تأتي أبدا تحت عباءة الأمنيات و الأحلام و التخاذل..
إبحثوا عنهم و لتكن دائرة البحث كبيرة و شمولية غير إنتقائية،خذوا بأيديهم فالجوع كافر و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.