لو توقفنا قليلاً للتفكير، وسألنا أنفسنا: ما هو الإعلام؟ وما دوره الحقيقي في بناء وعي المجتمع؟ لوجدنا أن العمل الصحفي والإعلامي ليس مجرد كتابة خبر أو نقل معلومة، بل هو فن ومهارة ومسؤولية أخلاقية تتطلب الدقة والتحري والموضوعية قبل كل شيء.
العمل في الإعلام لا يحتمل الهمجية ولا التسرّع، فالمهنية تُقاس بمدى التحقق من صحة الخبر ومصدره، وليس بعدد المشاهدات أو سرعة النشر. دخول أدوات الذكاء الاصطناعي إلى هذا المجال أحدث ثورة إيجابية، لكنها في الوقت ذاته فتحت الباب أمام من لا يملكون أساسيات المهنة ليدّعوا أنهم إعلاميون.
لقد أصبحت بعض الأخبار تُكتب بوساطة الذكاء الاصطناعي دون أي فهم للقواعد الصحفية، لتخرج مليئة بالأخطاء والمغالطات. فالمهنية الحقيقية لا تُستبدل بآلة، ولا تُختزل في أداة، بل تُبنى على العلم والخبرة وأخلاقيات المهنة.
فالصحفي الحقيقي هو من يعرف كيف يكتب الخبر، وعلى أي أسئلة يجب أن يجيب: من؟ متى؟ أين؟ كيف؟ لماذا؟ وماذا؟ وإن أجاب على ثلاثة منها على الأقل، فهو يقترب من الصواب. أما من ينسخ خبراً من وسائل التواصل الاجتماعي دون تحقق أو مسؤولية، فقد أساء للمهنة ولذاته.
الإعلام مهنة نبيلة وجميلة، لكنها تحتاج إلى عقل واعٍ، لا إلى جهلٍ متقن الشكل. استخدموا الذكاء الاصطناعي بذكاءٍ وفهمٍ، لا بسطحيةٍ وسذاجة، فالإعلام رسالة قبل أن يكون وظيفة، وأمانة قبل أن يكون محتوى.