تصاعدت أزمة الفضة العالمية خلال الربع الأخير من عام 2025 بعد أن انخفضت المخزونات الصينية إلى مستويات لم تُسجل منذ عشر سنوات، ما وضع سوق المعادن الثمينة في مواجهة نقص واضح في المعروض العالمي. وتأتي هذه التطورات في وقت يزداد فيه الطلب الصناعي والاستثماري بوتيرة أسرع من المتوقع، وهو ما جعل أزمة الفضة العالمية محوراً رئيسياً للنقاش بين الخبراء والمحللين.
تراجع المخزونات الصينية يدفع الأزمة إلى الواجهة
أصبحت المخزونات المرتبطة ببورصة شنغهاي للعقود الآجلة في أدنى مستوياتها منذ عام 2015، وهو مؤشر يعكس عمق أزمة الفضة العالمية. ويعزو متخصصون هذا الانخفاض إلى ارتفاع الصادرات الصينية التي سجلت في أكتوبر 2025 أكثر من 660 طناً، وهو رقم قياسي أسهم في تقليص الكميات المتاحة داخل السوق المحلية، ودفع الأسواق الدولية إلى البحث عن مصادر بديلة لتلبية الطلب المتزايد.
ارتفاع الطلب الصناعي يعمق نقص المعروض
واصلت الصناعات المعتمدة على الفضة، خصوصاً قطاعات الطاقة المتجددة والإلكترونيات، رفع مستويات استهلاكها منذ عام 2021، مما جعل أزمة الفضة العالمية أكثر حدة خلال عام 2025. وتؤدي الطفرة العالمية في إنتاج الألواح الشمسية إلى استهلاك كميات كبيرة من الفضة، مما يضيف ضغطاً إضافياً على سوق يعاني أصلاً من عجز في الإمدادات.
عوامل إضافية تزيد هشاشة السوق
ساهمت الهند في زيادة الضغط على المعروض العالمي خلال موسم الأعياد بعد ارتفاع شراء الفضة على نطاق واسع، بينما زادت الاستثمارات في السبائك المعدنية مع ارتفاع الأسعار، ما جعل الطلب الاستثماري جزءاً محورياً في تعميق أزمة الفضة العالمية. وكل هذه العناصر اجتمعت لتشكّل حالة اختلال واضحة بين العرض والطلب، الأمر الذي أثار قلق الأسواق المعتمدة على استقرار المعدن.
تقلبات سعرية ومخاوف على السيولة العالمية
شهدت أسعار الفضة صعوداً لافتاً خلال 2025 بنسبة قاربت 80% قبل أن تتراجع بشكل طفيف، لكن المخاوف من السيولة لا تزال قائمة، خصوصاً في سوق لندن المركزي. وتثير هذه التقلبات مخاوف الصناعات الكبرى التي تعتمد على الفضة في مكونات حساسة، حيث قد يؤدي استمرار أزمة الفضة العالمية إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج وربما زيادة أسعار المنتجات الاستهلاكية المرتبطة بالتقنيات الحديثة والطاقة النظيفة.
عجز متزايد في المعروض وفق بيانات 2025
تشير التوقعات إلى أن الطلب العالمي على الفضة سيبلغ نحو 1.3 مليار أونصة خلال عام 2025، مقارنة بـ 1.2 مليار أونصة في 2024، بينما لن يتجاوز إنتاج المناجم 840 مليون أونصة. ويعني ذلك اتساع فجوة العجز إلى 215 مليون أونصة، وهو ما يعكس استمرار أزمة الفضة العالمية بصورة هيكلية قد تمتد إلى الأعوام اللاحقة إذا لم تتدخل مصادر جديدة لزيادة الإنتاج.
أزمة مرشحة للتصاعد خلال العام المقبل
يتفق الخبراء على أن أزمة الفضة العالمية باتت جزءاً من واقع اقتصادي يفرض نفسه على الأسواق، مع توقع استمرار النقص في المعروض العالمي حتى أواخر 2026 على الأقل. وتشير المؤشرات الحالية إلى أن مستقبل السوق سيظل رهناً بقدرة كبار المنتجين على تعزيز الإنتاج وقدرة الصناعات على تطوير بدائل تقلل اعتمادها على الفضة.