يعتبر الراحل الشيخ هليل خليل الحجاج (أبو علي ) من وجهاء الطفيلة القدامى جداً، يعسوبُ قومه من الرعيل الأول القديم جدا ، و أحد أبرز وجهاء الطفيلة القدامى ذا الصيت الذائع في إصلاح ذات البين والكرم والشجاعة ومن أوائل القصابين في الطفيلة ، حيث كانت لديه ملحمة ويعمل فيها أبنه حمد ، ولقب بالفطاط لصوته العالي الجهوري ، خاصة أنه كان مفوها ذا هيبة و وقار ، مخضرم من الطراز الرفيع، حيث ولد في الطفيلة عام (١٨٨٨) ، وتوفي مطلع الثمانينات، قبل (٤٥) سنة تقريباً ، حيث لا توجد سيرة مطبوعة له لقدمه وكذلك لا يوجد أبناءه له حالياً ، فقد ارتحلوا جميعاً إلى رحمة الله ، واستندت في الكتابة عنه لروايات وحوارات الختيارية وكبار السن من هم من فوق (٨٠) سنة والبعض الآخر من الجيل الحديث فيما سمعوه من كباريتهم وشيوخههم .
ياله من رجل حمل ما بين دفتيه صفات المشيخة والهيبة والوقار والكرم المتأصل في جيناته الوراثية، لله دره من رجل عجيب في أسلوبه، مثير للدهشة في مواقفه الإنسانية وعادات الكرم والشهامة التي كان يفعلها آنذاك رغم أن تلك المواقف لم تدون ولم تؤرشف على الشبكة العنكبوتية إلا أن كبار السن يتناقلون شهامته وكرمه بيننا في المجالس، رجل بألف رجل ، مواقفه لا تنسى ، و آثار خطواته لا تُمحى ، وأحاديثه ذات شجون لا يمل و لا يكل من إسداء حكمه و نصائحه في تيار الحياه مع أهل الحق تنبعث الجرأة منه لترحب بالعدل من أجل إحقاق الحق .
كان - رحمه الله - كريمًا فوق العادة، وبيته مفتوحاً للقريب والبعيد، يجود بماله على كل من يطلبه و يحتاجه مع أنه كان صاحب شخصية قوية مهيوبة في عشيرته و كل من يعرفهُ، ومع ذلك كله كان حكيماً بموقفه من الطراز ما فوق الرفيع، خاصة في مواقفه التي وردت عنه من كبار السن التي لم يسجلها التاريخ ، فيما يتعلق بإجتماع الناس والعشائر في بيته وكرمه الذي اتصف به بين الناس آنذاك .
ويقال أنه كان لا يغادر المقبره بعد الدفن إلا وقد أعد وليمة لأهل الميت، كريم النفس طيب الخلق شهما جسورا ، ويقال أنه من أوائل القصابين (اللاحامين )في الطفيلة و رجل له وزنه بين أبناء عمومته وعشيرته .
عُلم عنه أنه سديد في الرأي ذو شخصية متزنة قادرة على اتخاذ القرار وقت اللزوم، ينحاز إلى أبناء الطفيلة و عشائرها .
كان لديه فراسة قوية في معرفة معادن الرجال و منازلهم، و قوة في التأثير على مسامع من يجالسه و حل مشاكل الناس و الخصومات و القدرة على معرفة القانون العشائري القضاء ؛ كونه أحد وجهاء الطفيلة العظماء ممن يمتلكون الفطرة العشائرية في التعامل مع أفراد عشيرته في زمنه؛ لإجادته فنون الحوار و الخطابة و الإقناع و إلقاء الشعر الموزون النبطي المستلهم من قسوة الحياة ومنغصاتها في ذلك الزمن الذي ينعدم فيه الأمن و الامآن .
وأنا أكتب هذه السطور ، ذرفت دموعي حزنا وأنا اسرد في سيرة هذا الرجل الحكيم لحظة نشري لهذة السطور، فقمت بالتعديل على المقالة وأضفت هذه المقدمة ، وها هي السماء تنهمر خيرا على محافظتنا الطفيلة بأمر من الله عز وجل في علاه ، كأنها تشاركني في البكاء على هذا الرجل العظيم الذي لم أجد له سيرة ولا ذكر على الشبكة العنكبوتية ، أكاد أسيطر على القلم و أنا أتناول في سردي و كتابتي عن أحد أبرز وجهاء الطفيلة و رجالاتها القدامى صاحب الشخصية الملهمة في العطاء و البذل الحافلة بالإنجازات العظيمة التي حققها خلال حياته الزاخرة بالمواقف التي لم تؤرشف ولم تدون التي لن تنسى عند كبار السن ، فقد ترك الراحل أبو علي سيرة عطرة مليئة بالمواقف شاهدة على أحد أبرز وجهاء الطفيلة القدامى الذين غيبهم الإعلام ومواقع الشبكة العنكبوتية .
كما أن لديه الكثير من الأحفاد ممن استلموا مناصب في الدولة ومؤسساتها لا يتسع المقام لذكرهم. رحم الله فقيد الطفيلة الراحل هليل خليل الحجاج (أبو علي) و أسكنه فسيح جناته و جزاه الله جزيل الجزاء على ما قدم من تضحيات و كرم و إنجازات وسيرة عطرة مليئة بمعاني الشجاعة وخدمة وطنه و الطفيلة ودفع العاديات عنها التى سوف تبقى عالقة في ذاكرة التاريخ بأحرف من ذهب. وحفظ الله ذريته من الأحفاد وجعلهم من أهل الصلاح و السير على نهجه وهم كذلك .رحمه الله رحمة واسعة و أسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.