أكد الرئيس السوري أحمد الشرع، في كلمة ألقاها الاثنين بمناسبة مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، التزام حكومته بمبدأ العدالة الانتقالية لضمان محاسبة من انتهك القانون وصون حقوق الضحايا، مشدداً على أن هذه الخطوات تمثل جزءاً من رؤية واضحة لسوريا الجديدة بدأت منذ الثامن من ديسمبر الماضي، وشملت توحيد القوى العسكرية ضمن جيش وطني موحد.
قطيعة مع الماضي
الشرع، الذي ألقى كلمته في قصر المؤتمرات بالعاصمة دمشق مرتدياً الزي العسكري، وصف الحقبة السابقة بأنها "صفحة سوداء" في تاريخ البلاد، مؤكداً أن ما يجري اليوم يمثل قطيعة تاريخية مع الماضي، وأن نهاية المعركة مع النظام السابق كانت بداية لمعركة جديدة في ميادين العمل والاجتهاد.
الجيش الوطني الموحد
الرئيس السوري أوضح أن دمج القوى العسكرية المختلفة في مؤسسة واحدة قائمة على المهنية والولاء للوطن أسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار، مؤكداً أن بناء جيش وطني موحد يعد ركيزة أساسية في المرحلة الجديدة.
العدالة الانتقالية والمفقودون
الشرع جدد التزامه بمبدأ العدالة الانتقالية، مشيراً إلى أن حق الشعب في المعرفة والمساءلة ثم المحاسبة أو المصالحة هو أساس استقرار الدولة وضمان عدم تكرار الانتهاكات، ومشدداً على أن قضية المفقودين وأسرهم تمثل أولوية إنسانية لا مساومة فيها، مع التزام الحكومة بالبحث عن الحقيقة دون توقف.
رؤية سوريا الجديدة
الرئيس السوري أعلن أن بلاده وضعت رؤية واضحة لسوريا الجديدة، دولة قوية تنتمي إلى ماضيها وتتطلع إلى مستقبلها، وتعيد تموضعها الطبيعي في محيطها العربي والإقليمي والدولي. وأشار إلى أن هذه الرؤية عرّفت العالم بها عبر استقبال الوفود وزيارة البلدان، مؤكداً أن الدبلوماسية السورية أسهمت في تغيير صورة البلاد في الخارج وجعلها شريكاً موثوقاً لدول المنطقة والعالم.
شراكات اقتصادية
الشرع ذكر أن سوريا عقدت شراكات استراتيجية مع دول صديقة في قطاعات الطاقة والموانئ والمطارات والعقارات والاتصالات، موضحاً أن هذه الشراكات عززت التعافي الاقتصادي وفتحت أبواب الاستثمار وخلقت فرص عمل وحسّنت بنية الاقتصاد الوطني. وأضاف أن السياسة الاقتصادية الجديدة انعكست مباشرة على المواطنين عبر رفع مستوى الدخل تدريجياً وتخفيف المعاناة وإرساء بيئة أكثر استقراراً وعدالة.
عرض عسكري واحتفالات شعبية
العاصمة دمشق شهدت صباح الاثنين عرضاً عسكرياً نظمته وزارة الدفاع بمناسبة الذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد، بحضور الرئيس الشرع وعدد من الوزراء والقادة العسكريين، وفقاً لوكالة الأنباء السورية "سانا". العرض انطلق من مطار المزة مروراً بأوتوستراد المزة فساحة الأمويين وصولاً إلى ساحة الجمارك، بمشاركة مختلف الفرق والتشكيلات العسكرية، وتخلله تحليق مروحيات الجيش وإلقاء الورود وقصاصات ورقية تحمل عبارات وطنية، إضافة إلى مشاركة 14 طياراً شراعياً فوق ساحة الأمويين.
وفي الوقت نفسه، خرج ملايين السوريين إلى ساحات المدن والبلدات للاحتفال بالذكرى الأولى لسقوط النظام السابق، بحسب "سانا"، للتعبير عن فرحهم بهذه المناسبة الوطنية.
استعادة الهوية
وفي كلمة أخرى خلال احتفالية "عيد التحرير"، قال الرئيس الشرع إن سوريا استعادت هويتها بعد خمسة عقود من محاولة سلخها عن حضارتها، مؤكداً أن العاصمة دمشق استعادت مكانتها كـ"درة الشرق" بعد عقود من القهر. وأوضح أن النظام السابق زرع الفتنة والتفرقة بين أبناء الشعب، وأقام سدوداً من الخوف والرعب بين السلطة والمواطنين، وحوّل عقد المواطنة إلى صك ولاء وعبودية.
الشرع شدد على أن النظام السابق أسس لكيان يقوم على اللاقانون ونشر الفساد وأمعن في إفقار الشعب وتجهيله وحرمانه من حقوقه، حتى باتت الكلمة جريمة والإبداع وصمة عار وحب الوطن تهمة وخيانة. واختتم كلمته موجهاً التحية إلى المجاهدين والأسرى والشهداء والجرحى والثوار والمكافحين وأسرهم جميعاً.