تفقد وزراء الأشغال العامة والإسكان المهندس ماهر أبو السمن، والداخلية مازن الفراية، والسياحة والآثار الدكتور عماد حجازين، بجولة ميدانية واسعة، اليوم الثلاثاء في محافظة الكرك، حجم الأضرار التي خلفتها السيول الجارفة والفيضانات التي شهدتها المحافظة خلال الـ48 ساعة الماضية. وبدأت الجولة من دار محافظة الكرك، حيث قدم المحافظ قبلان الشريف، ومدير الأشغال، ورؤساء لجان البلديات عرضاً مفصلاً للتحديات الاستثنائية التي واجهتها الكوادر الميدانية، موضحين أن المنطقة تعرضت لهطول مطري غير مسبوق عادل ثلث المعدل السنوي العام في يومين فقط، مما فاقم من حجم الضغوط على البنية التحتية والخدمية، وكشف عن ثغرات تنظيمية قديمة تتمثل في وجود اعتداءات وأبنية شُيدت في المجاري الطبيعية للسيول، إلى جانب محدودية الإمكانات الفنية والمادية لدى بعض البلديات للتعامل مع مثل هذه الظروف الجوية المتطرفة.
وزير الأشغال العامة والإسكان المهندس ماهر أبو السمن، أشاد بالجهود الدؤوبة التي بذلتها فرق الطوارئ التي واصلت العمل على مدار الساعة، مؤكداً أن الوزارة سخرت كافة آلياتها لإسناد البلديات والعمل ضمن حدودها الإدارية لإزالة آثار الدمار وفتح الطرق المغلقة. وأوضح أبو السمن أن ما حدث في الكرك يمثل جرس إنذار حقيقي حول أثر التغيرات المناخية التي بدأت تفرض واقعاً جديداً يتسم بتطرف الهطولات المطرية، مشدداً على أن استراتيجية الوزارة ستنتقل من مرحلة الحلول المؤقتة إلى إعادة هندسة المواقع الحيوية لتستوعب التدفقات المائية الضخمة، معلناً البدء الفوري بإجراء دراسات فنية لإعادة إنشاء المواقع المتضررة، لا سيما في طريق "غور نميرة" الذي جرفته السيول بعمق يتجاوز 10 أمتار وبطول 70 متراً، تمهيداً لطرح عطاءات إعادة الإنشاء بأعلى المعايير الهندسية.
من جانبه، أكد وزير الداخلية مازن الفراية على الأهمية البالغة لاستمرار التنسيق المتكامل بين مختلف الأجهزة الأمنية والمدنية لضمان سرعة الاستجابة ومنع وقوع خسائر في الأرواح. ولفت الفراية إلى أن البناء في بطون الأودية ومسارات السيول يشكل خطراً داهماً لا يمكن السكوت عنه، وأن الحفاظ على أمن المواطن وسلامته يتطلب تعاوناً وثيقاً بين المجتمع المحلي والجهات التنفيذية لتصويب هذه الأوضاع وتفادي تكرارها في المواسم المطرية القادمة.
من جهته، شدد وزير السياحة والآثار الدكتور عماد حجازين، على ضرورة إيجاد حل جذري وشامل للانهيار الذي طال جزءاً من السور الأثري لقلعة الكرك التاريخية، حيث تفقد الوزراء موقع مشروع بوابة الكرك المحاذي للجزء المنهار ووجهوا بإجراء دراسة هندسية متكاملة لتقييم الأسباب الفنية لهذا الانهيار. وأشار حجازين إلى أن التغيرات المناخية وزيادة رطوبة التربة والتدفقات المائية أصبحت تشكل تهديداً للمواقع التراثية، ما يستدعي تدخلاً علمياً دقيقاً يحافظ على الهوية التاريخية للقلعة ويحميها من عوامل التعرية والفيضانات المستقبلية، مؤكداً أن الوزارة تولي هذا الملف أولوية قصوى لضمان سلامة الزوار والموقع على حد سواء.
وزيرا الأشغال والداخلية واصلوا جولتهم بزيارات ميدانية شملت بلدة "العراق" التي كانت من أكثر المناطق تأثراً بالسيول، حيث التقوا بالأهالي واستمعوا إلى ملاحظاتهم حول الأضرار التي لحقت بممتلكاتهم واقتراحاتهم لتعزيز قنوات التصريف، كما تفقدوا بلدة "الطيبة" برفقة النائب حسين الطراونة واطلعوا على حالة الطرق هناك. وفي ختام الجولة، وقف وزير الأشغال على حجم الضرر في طريق "الخرزة" الواصل بين الكرك والأغوار، موجهاً الفرق المعنية بمباشرة المعالجات الفورية لضمان ديمومة الحركة المرورية وسلامة مستخدمي الطريق، مع التأكيد على أن كافة المواقع المتضررة ستخضع لعمليات إعادة تأهيل شاملة تتناسب مع حجم التحديات المناخية الراهنة.