انطلاقاً من التزام المؤسسة بتحقيق أهدافها، خصوصاً فيما يتعلق بمواكبة التطور العلمي في مجلات المواصفات والمقاييس وتقييم المطابقة، وحرصاً منها على تطبيق الممارسات الدولية الفضلى في تلك المجلات، وبشكل يوفر الحماية الصحية والبيئية والسلامة العامة للمواطنين، فإن المؤسسة تقوم وباستمرار بمراجعة وتحديث تشريعاتها الناظمة لعملها، ابتداءً من قانونها مروراً بالأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه، وانتهاءً بإجراءات العمل التي تنظم وتضبط عملياتها.
وبعد مرور حوالي أربعة أعوام على آخر تعديل للقانون، فقد كان لزاماً على المؤسسة مراجعته في ضوء الممارسات الدولية التي تم تحديثها خلال تلك الفترة وكذلك في ضوء التغذية الراجعة من القطاعات الاقتصادية الوطنية المختلفة. إذ تم خلال تلك الفترة إقرار اتفاقية تيسير التجارة من قبل منظمة التجارة العالمية، وعلى العكس مما ورد في بيان جمعية حماية المستهلك، والتي تكن لها المؤسسة كل الاحترام والتقدير، فإن ما ورد في هذه الاتفاقية ينسجم تماماً مع ما ذهبت إليه المؤسسة من تعديل قانونها بخصوص عدم إلزامية إعادة التصدير إلى بلد المنشأ. فقد تضمنت إحدى فقرات تلك الاتفاقية، وتحت عنوان البضائع المرفوضة، أنه في حال كانت البضائع المستوردة مخالفة للقواعد الفنية المعتمدة في بلد الاستيراد فإنه يجب على السلطات المختصة إلزام المستورد بإعادة تصدير تلك المنتجات إلى المصدّر (بلد التصدير) أو إلى أي جهة أخرى يحددها المصدر.
وعليه، فإن قانون المواصفات والمقاييس بحصره إعادة التصدير إلى بلد المنشأ، يكون قد قيًد ما سمحت به اتفاقيات التجارة الدولية التي تعتبر ملزمة لجميع الأعضاء الموقعين عليها، كذلك يكون القانون بوضعه الحالي قد قيد المستورد الأردني وحمله أعباء وتكاليف مادية ومالية لا تفرضها الدول الأخرى على مستورديها، كذلك فإن الإصرار على إعادة البضائع المخالفة إلى بلد المنشأ بحجة عدم تعريض مواطني أي بلد آخر، غير بلد المنشأ، في حال إعادة تصدير تلك البضائع المخالفة إليه لأضرار وخطورة على حياتهم يعتبر سبباً واهياً وحجة ضعيفة لمن فاته أن من أساسيات الدول ومؤسساتها الرئيسية أن يتوفر لديها جهازها الحكومي الرقابي الذي يحافظ على مستوى جودة وسلامة وأمان مستورداته ويحمي صحة وسلامة مواطنيه، فلو كان الحال غير الحال، لما وصلت إلينا تلك البضائع المخالفة من شتى دول العالم. يضاف إلى ذلك، أن ما يعتبر مخالفاً للقواعد الفنية في إحدى الدول قد يكون مطابقاً للقواعد الفنية في دول أخرى، ومن المعلوم أيضاً أن المستورد الذي يقوم باستيراد منتجات يتبين مخالفتها للقواعد الفنية ويتم الزامه بإعادة تصديرها إلى بلد المنشأ فإنه يضطر في معظم الأحيان إلى بيعها والقبول بأي ثمن لها قد لا يعادل تكلفتها، بل قد يتعرض للاستغلال مقابل إعادتها حصراً إلى بلد المنشأ، خصوصاً في ضوء ما يتوفر لدينا من معلومات من قيام العديد من الدول بفرض رسوم باهظة على المنتجات المعادة إليها، ويعتبر هذا هدراً للمال وتفريطاً بالموارد الوطنية، حيث أن تكاليف عمليات إعادة التصدير تدفع عادة بالعملات الأجنبية.
أما بالنسبة للتعديل المتعلق بتصويب بطاقة البيان أو ما يسمى بالإجراء التصحيحي، فلا بد بداية من توضيح المقصود ببطاقة البيان للمنتج، والتي هي ببساطة تشمل جميع البيانات والمعلومات والاشارات والكلمات والعبارات والرسومات المثبتة سواءً على المنتج بواسطة ملصق أو على تغليفه أو مرفقة معه مثل الكاتالوج، وبالفعل فإن بطاقة البيان هي هوية المنتج تضمن للمستهلك معرفة جميع المعلومات التي تهمه سواءً من بلد المنشأ (أين صنع المنتج)، ووزنه أو أبعاده أو مكوناته أو تركيبته وغيرها، وليست جواز سفر يتنقل فيها المنتج باحثاً عمن يرضى به.
وباستعراض إجراءات المؤسسة منذ نشأتها، بخصوص المنتجات التي يتبين أنها لا تحقق كامل المعلومات التي يشترط وجودها على بطاقة بيان المنتج، فقد تتراوح بين السماح أحياناً والمنع أحياناً، وعليه جاء تعديل القانون المقترح لوضع إطار قانوني لهذه العملية ليضبطها ويعزز شفافية وحيادية ونزاهة إجراءات المؤسسة ويبتعد بها عن الاجتهاد الشخصي والمزاجية.
ومن الجدير بالذكر في هذا المقام توضيح أن المقصود بتصويب بطاقة البيان فإنه يتعلق فقط بالمعلومات غير الفنية، وشريطة أن يكون المنتج مطابق مخبرياً لاشتراطات السلامة المحددة في القاعدة الفنية ومتطلبات أدائه بكفاءة وفعالية وأنه آمن للاستخدام ولا يشكل أي خطر على صحة وسلامة المستهلك وحقوقه وبيئته، وأن عملية التصويب سوف تكون بقرار من المؤسسة التي تمتاز بوجود خبرات وكوادر مؤهلة فنياً وعلمياً وعملياً يشهد لها بالكفاءة على جميع الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية. ثم أنه في حال صدور القرار بتعديل بطاقة بيان المنتج، فسوف تقوم كوادر المؤسسة بالكشف على البضائع التي تم تعديل معلومات بطاقة بيانها أينما وجدت، تماماً كما هو الكشف الذي يتم عند ورودها لأول مرة عبر المراكز الجمركية، بل بشكل أدق وأوسع، ومن الجدير ذكره أن المؤسسة لن تسمح بالتعديل على بطاقة البيان في حال اشترطت القواعد الفنية الخاصة بالمنتج تثبيتها بطرق لا يملكها إلا الصانع كالحفر أو النفر على جسم المنتج نفسه كما هو الحال في منتجات البلاط والاطارات.
وبالإشارة إلى الإجراء التصنيعي الذي تم التطرق إليه من قبل جمعية حماية المستهلك، فأنه هو الميزة الفعلية للصناعة الوطنية، فإضافة إلى ما سيسمح به القانون للمستورد بتعديل بطاقة البيان سيسمح للصانع بإجراء تعديلات فنية وتصنيعية على خصائص وأجزاء المنتج ليصبح مطابقاً للقواعد الفنية، وهو الأمر الذي تؤكد المؤسسة أنها لن تسمح به للمستورد، ومن هنا تتحقق الميزة التنافسية للصناعة الوطنية. فالمؤسسة تترجم الشعارات التي ترفع، كالشراكة بين القطاعين العام والخاص، من أقوال إلى أفعال في مصلحة الوطن والمواطن والاقتصاد الوطني.
أما فيما يخص التعديل المتعلق بموضوع التبرع بالبضائع والمنتجات للجمعيات الخيرية، فقد اتفقت المؤسسة مع لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب الموقر بإلغاء هذا التعديل حرصاً على عدم تسرب تلك البضائع للأسواق المحلية أو استغلالها من قبل أي طرف لمصالح تجارية.
ختاماً فإن المؤسسة تود التأكيد للجميع بأنها لن تسمح بطرح أي منتج في الأسواق المحلية تعتقد أو تشك في أنه قد يؤثر ولو بأبسط النسب وأقل الاحتمالات على صحة وسلامة المواطن، فما وجدت مؤسسة المواصفات والمقاييس إلا لهذه الغاية، فإن شرعت أو تصرفت خلافاً لذلك فلا داعي لوجودها.