هذا العام تمر علينا ذكرى استشهاد وصفي التل الثامن والأربعين مع إتمام المئوية الأولى بمولده أيضا ولا يزال الأردن كما قال سيد شهداء الأردن صامدا بالرغم من حرب الفاسدين الداخلية ضد هذا الوطن وحرب الحاقدين من الخارج فصدق وصفي حينما قال : إن الأردن ولد في النار و واهم من يظن أن هذا الوطن سيحترق.
لقد تآمر الجميع على الأردن و واجه المصاعب وحيدا في منتصف القرن الماضي لكن بهمة الرجال أمثال وصفي ومن معه صمد الأردن وظهر أقوى من كل من تآمر عليه، واليوم الكل مع الأردن لكن تغير الرجال فلم يعد الأردن اليوم كأردن السبيعينات وهذا يعطينا مؤشرا واضحا على الرجال المستوردين الذين لا همّ لهم إلا ما يجمعون من مال بينما أبناء التراب أمثال وصفي كان همهم الأول والأخير الأردن فازداد الأردن قوة بقوتهم لذلك نحن نستحضر وصفي الفكر والشخصية لنبني الوطن ولا نستحضره لنبكي ونندب حظنا كما يزعم البعض فالأردن ولّاد وبه من أمثال وصفي الكثيرون إن أتيحت لهم الفرصة.. وصفي الذي أسقط أطروحة الوطن البديل وأسقط كل من يحاول أن يُسقط الأردن هو بيننا حيّا لا يموت بفكره ومواقفه.
يقول الشهيد وصفي التل : الأردنيون من أحسن العرب ونحن نقول له أنت أنبل الشهداء
ففي مثل هذا اليوم قبل ثمان وأربعين عاما استشهد الشهيد الرمز وصفي التل رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.. استشهد وصفي وبكاه الأردن شجره وحجره وبشره ، لقد كان وصفي نقطة تحول بارزة و واضحة كل الوضوح في التاريخ الأردني؛ فالأردن الحديث والذي بناه الغرّ الميامين من أبنائه تعرض لموجة من الضغط الخارجي والداخلي بلغت ذروتها في تهديد كيان الدولة الأردنية في السبعين من القرن الماضي ،إلا أن الأردنيين تصدوا لهذه الضغوط بكل جراءة واقتدار وبرز دور القائد الفذ الشهيد وصفي التل في هذه المرحلة الحرجة والذي رفض أن يساوم على الوطن وكان ثمن ذلك أن قدم روحه فداء لموقفه الهادف إلى حماية وطنه وأهله.
لقد حمل الشهيد وصفي التل الهم الأردني ومحبة الوطن في قلبه وأعمل فكره للدفاع عن هذا الحمى وكان يعلم أن هذا الأمر سيكون ثمنه غاليا جدا ولا يقدر بثمن سيكون ثمن هذا الموقف هو الدم فكان المقدام الذي لا يتردد ولو قيد أنملة عن تحقيق حلمه الذي نذر حياته من اجله بأن يرى الأردن عزيزا مكرما، لقد ظهر هذا المارد الأردني كالبركان الثائر الرافض لكل ما من شانه أن يمس الهوية الأردنية، فكان التربوي والمعلم الذي ربى أبناء الوطن على حب الوطن والتضحية من أجله، وكان الاقتصادي الذي أراد أن يبقى الأردني عزيزا مكتفيا ذاتيا لا أن يعيش على المساعدات، وكان الرافض لبيع الأرض ذات الملكية الخاصة لا ان يباع الوطن بأكمله، وكان القائد العسكري الذي يتقدم الصفوف في الميدان لا المنظر لها من المكاتب.. كان وصفي فكان الأردن.
اعذرنا يا وصفي إن رأيت من يحاول التفريط بالوطن اعذرنا يا من رفضت المدارس الخاصة كي لا يكون التعليم تجارة اعذرنا يا من اتجهت إلى معان لتنتج القمح ليعيش الأردني كريما، فقد أجرنا الأرض وزرعنا مكان القمح اسمنتا وحجرا لمستثمر أجنبي يرحل عنا حال أن يشبع جشعه متحالفا مع سماسرة الأوطان، اعذرنا يا وصفي لقد أصبح للفاسدين في الاردن الكلمة الأولى محاولين القضاء على كل معاني حب الوطن والحفاظ عليه على عكس ما كان في زمنك عندما كان دولة الرئيس مثالا في الوطنية و بيئة جذب وفخر لكل أردني اعذرنا يا وصفي تقدمنا كثيرا بعد استشهادك نعم ولكن نحو الهاوية اعذرنا يا وصفي فقد أصبح الأردني في وطنه غريبا؛ فمشاريع الأمس الهادفة الى المساس بالأردن والأردنيين و التي تلاشت على يديك وأيدي أبناء الأردن المخلصين أصبحت قاب قوسين أو أدنى .
يوم رحيلك يوم حزن يعم الوطن من أقصاه الى أقصاه أيها الرمز الأردني إن تجار الوطنية والجبناء تفاخروا بقتلك من على الشاشات ظنهم أننا نسيناك او أن مشروعك قد انتهى لقد نسوا أنهم إن قتلوا وصفي ففي كل بيت أردني سيولد وصفي يا وصفي الراقد في حنايا القلب مشوارك ومسيرتك لن تنتهي وسوف يحافظ عليها الأردنيون الشرفاء مهما كلف الثمن ثق بذلك ونم قرير العين لقد ظنوا أنهم إن قتلوك قتلوا الأردن لأنك كنت الشوكة في حلوقهم لقد خابوا وخسروا هم وأتباعهم إلى يوم الدين وستبقى شوكة في حلوقهم وسيبقى الأردن عزيزا إلى الأبد.